حمّاد السالمي
- بدأت الجماعة الحوثية الإرهابية عبثها بالشأن اليمني والمنطقة العربية؛ بشعارات برَّاقة، تدغدغ بها مشاعر أولئك الذين لا يعرفون حقيقتها، ولا يدركون ما ترمي إليه من أهداف مرسومة، ضمن الأجندة الصفوية الإيرانية، التي تستخدم هذه الجماعة لتمزيق وحدة التراب الوطني اليمني أولًا، ولتهديد المملكة العربية السعودية، وتشتيت جهودها، وإضعاف دورها في المنطقة.
- زحف الحوثيون على مدن اليمن وقراه وبلداته؛ وهم يسقطون المؤسسات الحكومية، ويقتلون الأبرياء، وينهبون ويسرقون تحت شعار: (الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل)..! لم يكن في صنعاء ولا تعز أو عدن وحضرموت؛ ولا حتى إسرائيلي أو أميركي واحد كي يذيقوه الموت بسلاح المحروق المخلوع علي عبد الله صالح، وبجيش اليمن الذي استعبده بعد خلعه وطرده من سدة الحكم بعد ثلث قرن من الخراب والدمار. كل الذين قتلتهم المليشيات الحوثية، ومثَّلت بهم وجوّعتهم وهجّرتهم من مساكنهم؛ هم عرب ومسلمين من الشعب اليمني.. فمتى تصل هذه المليشيات العميلة إلى تل أبيب وواشنطن؛ لتكتسب شعاراتها المرفوعة قيمة ما؛ ولو عند أسيادها في طهران..؟!
- بعد سنتين من الويلات والخيبات التي مُني بها الحوثيون؛ حتى انحسر وجودهم في مساحات قليلة من الأرض اليمنية؛ لجؤوا إلى لعبة ورقية اسمها الصواريخ، التي تنطلق صوب الأراضي السعودية وحتى اليمنية، فتتصدى لها المضادات الأرضية، لتنفجر في الجو، وتتفرَّق دون أثر يذكر. هذه اللعبة مادة مسلية على كل حال لدى الدفاعات السعودية، لكنها مادة دعائية مهمة في (البربقندة) الإعلامية، التي تخطط لها الآلة الإعلامية الصفوية في طهران وفي غرف حزب الله الإرهابي العميل في الضاحية.
- من مخرجات هذه (البربقندة) المسلية والمضحكة؛ سقوط مدن سعودية في أيدي مليشيات الحوثي مثل نجران وجازان وأبها..!! وقتل وأسر قادة عسكريين كبار جاءت أسماؤهم متطابقة مع أسماء مشاهير من لاعبي المنتخب السعودي ونادي الهلال وفنانين سعوديين..! هكذا تأتي مخرجات الغباء والجهل والحمق وتعمّد الكذب والتدليس.. سخرية ما بعدها سخرية، وبلايا من المضحكات المبكيات.. ألم يقل العرب في أمثالهم: (شر البلية ما يضحك)..؟ حتى الصاروخ الموجه نحو الطائف؛ تبعثر في الجو، وسقطت شظاياه في جبال شمالي المدينة، ثم تحول إلى مادة دعائية فكاهية مسلية هي الأخرى، وما قيل عنه وعن نتائجه الوهمية؛ يضحك منه حتى الثكلى.
- كانت الآلة الإعلامية الصفوية للملالي في طهران، تتغذَّى على شعارات مضللة ومعادية لإسرائيل وأميركا في ظاهرها. حكم الملالي الصفويون إيران لأكثر من ثلاثين سنة في ظل شعارات من مثل: (الموت لإسرائيل.. الموت للشيطان الأكبر)، لكنها لم توجه موتها الصفوي لأي إسرائيلي أو أميركي. كل ما تفعله؛ هو توجيه آلة الموت لجيرانها من العرب في العراق وسورية والخليج، وحبك المؤامرات لنشر الفتن وإثارة القلاقل في بلدان العرب أجمع. ثم إن إيران الصفوية في عصرها الحبي الجديد مع الشيطان الأكبر؛ وجدت ضالتها في قطيع جديد وأذناب لها من الحوثيين في اليمن، الذين حملوا عنها راية العداء الكاذبة لإسرائيل وأميركا، ولكي يخرج الحوثيون من مأزق الهزائم المتلاحقة على أيدي الجيش اليمني وقوات التحالف العربي؛ اهتدوا إلى ممارسة لعبة الصواريخ الورقية مع القطع البحرية الأميركية في مدخل باب المندب. صواريخهم تسقط في البحر، وشعاراتهم تعلن الموت لإسرائيل وأميركا..!
- كنت أتحدث بالهاتف مع صديق يمني مهاجر، فأخذنا الحديث إلى التحول الكبير في طريقة التفكير لليمنيين، حيث تغلب على حياتهم النكتة والسخرية من الحالة التي وصلوا إليها مع هذه الزمرة الباغية. وهذه حال كثير من الشعوب العربية المأزومة على كل حال. تلجأ للنكتة للتنفيس ربما، ولتخفيف وطأة المأزق. قال صديقي نقلًا عن إعلامي يمني آخر هو عبد الحكيم الفقيه، الذي علَّق متهكمًا على أدوار بعض أطراف العملية السياسية اليمنية قائلًا: علي صالح هوايته جمع العملات، والحوثي هوايته جمع الأسلحة، والاشتراكي جمع الطوابع. ثم يسخر من تعدد حروب الحوثيين قائلًا: انظروا الحروب والحرائق التي يدبرونها. يبدو أن قائد المسيرة القرآنية؛ لا يحفظ من القرآن إلا سورة الدخان..! إشارة إلى أن الحوثيين يطلقون على زعيمهم عبد الملك الحوثي: (قائد المسيرة القرآنية).
- وعندما وصل بنا الكلام إلى صواريخهم الورقية الموجهة صوب القطع الحربية الأميركية في مياه باب المندب؛ ذكّرني صديقي بنكتة أو نادرة؛ جعل منها اليمنيون مادة دسمة للتهكم والسخرية من الحالة المزرية التي وصلت إليها بلادهم بعد غزو المقبور صدام حسين للكويت سنة 1990م، فالموقف الذي اتخذه المخلوع علي عبد الله صالح لجانب الغزو، وتدميره لكل علاقاته ومصالح اليمنيين مع السعودية ودول الخليج أوانذاك، أوقعه وحكومته في مأزق كبير. جلس علي عبد الله صالح ذات يوم يناقش مع عدد من وزرائه المشكلات الاقتصادية الرهيبة التي تواجه اليمن. بعد جهد جهيد وانسداد أفق الحل؛ انبرى أحد وزرائه قائلًا: عندي حل مذهل يا فخامة الرئيس. رد صالح: قل بسرعة. قال الوزير الهمام: علينا أن نعلن الحرب على أميركا..! أخذ الرئيس والوزراء ذهول من هذا الطرح. قالوا: ثم ماذا..؟ واصل الوزير الهمام قائلًا: سوف نخسر الحرب، وسوف ينفق الأمريكيون آلاف الملايين لتعمير بلادنا، تمامًا كما فعلوا في ألمانيا واليابان، ويفعلون الآن في العراق. هز الرئيس علي عبد الله صالح رأسه وقال للوزير: وماذا نفعل لو انتصرنا على أميركا..؟!!
- هل كان الوزير الفلتة من الحوثيين في تلك الفترة..؟ وهل يطمع الحوثيون في كرم أميركا بتعمير ديارهم لو أعلنوا عليها الحرب ودمرت اليمن..؟ ولكن ماذا يفعلون لو أنهم انتصروا على أميركا يا ترى..؟!!