سلمان بن محمد العُمري
من النّعم الكبيرة التي حبانا الله تعالى بها أن نربط كل شيء بمشيئته تعالى: {وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ}، فهذه القاعدة التي ولدنا عليها، وتربينا عليها، وعرفناها في السراء والضراء، وصارت عبارة «ما شاء الله»، أو «بإذن الله»، أو «إن شاء الله» من العبارات التي ترادف كلامنا صغاراً وكباراً، وهي نعمة كبيرة أن نعترف للخالق - عز وجل - بنسب المشيئة المطلقة له وحده دون سواه، وهذا جزء من التوحيد لله سبحانه الذي نقرّ به في سرّنا وجهرنا، ولذلك ليس عجباً أن ترى الطفل الصغير يقول: إنه سيعمل كذا - إن شاء الله -، فالعجيب ليس ذلك، وإنما العجيب أن تسمع كلاماً يغفل ذلك، فهنا الخطورة والعجب العجاب، والأمر الأكثر أن يظهر ذلك في سجلات ومكاتبات الجهات الرسمية فتؤكّد وتقرّر أعمالاً ومهام بدون ذكر ونسب المشيئة لله سبحانه وتعالى.
سبق أن صدرت توجيهات سامية بشأن ما لوحظ من أن كثيراً من المكاتبات التي تصدر من الجهات الحكومية بالصّيغ المستقبليّة ترد بصيغة الجزم والتحقيق، ولا تعلّق على مشيئة الله - سبحانه وتعالى - والقاضي بأن تكون جميع الصّيغ المستقبليّة فيما يصدر من الجهات الحكومية من مكاتبات وبيانات ونحو ذلك معلّقة على مشيئة الله تعالى,
وقد ورد في القرآن الكريم - في الحديث عن بعض الأنبياء وغيرهم - تعليقهم كلّ أمرٍ بمشيئة الله - سبحانه وتعالى -، وفي السنة أورد البخاري في صحيحه باباً عرض فيه بعض النصوص الواردة في إثبات المشيئة والإرادة.
وإنه لمن الخطأ التساهل في هذا الأمر الذي يمس عقيدة المسلم، وأن الخطورة البالغة تسرب ذلك إلى مكاتبنا، ومن غير الجائز أن نقلّد الآخرين في أخطائهم، فنحن لنا خصوصية ارتضاها لنا الله سبحانه، ولا يحق لنا التفريط بها، بل علينا أن نعض عليها بالنواجذ، ومن هو المسؤول الذي يستطيع الجزم بأمر مستقبلي كي يغفل مشيئة الله. إن الله تعالى قادر على إبدال الأمور بأيّ لحظة، ولن يحصل شيء من دون إذنه، تبارك اسمه وتعالى جدّه. حفظ الله لنا ديننا الحنيف، وحفظنا حماة له إلى ما شاء الله.