د. ناهد باشطح

فاصلة:

«الدجاجة التي تقاقي بصوت عال ليست تلك التي تبيض أفضل من سواها». -حكمة صينية -

وأخيراً قمت بالخطوة التي أعتبرها شجاعة حينما غادرت من المجموعات التي توجد في برنامج الواتس أب في جهاز المحمول، ذكرني هذا القرار بقرار شجاع اتخذته قبل سنوات طويلة حينما كنت في العشرين من عمري وأخبرت والدتي بأنني قاطعت الذهاب إلى حفلات الزواج لأنها بنظري مضيعة للوقت.

الخطوة الشجاعة في رأيي أن تقرر فعل ما تريد، وأن تتجنب ما يزعجك وتحتمله لأجل الآخرين الذين يحبونك ولكن بالتأكيد ليس أكثر مما يحبون أنفسهم.

مجموعات «الواتس اب» أصبحت تمثل نوعاً من الضغط النفسي لعدم قدرتنا على رفض الانضمام لها ومشاركتنا فيها أحياناً مجاملة لأحبتنا وأصدقائنا.

خطر الانضمام والمشاركة في المجموعات أنك لا تكون نفسك بمعنى أنك لا تكون على طبيعتك فالمجموعة يوجد بها أعضاء غير متجانسين، أفكارهم مختلفة، وقناعاتهم مختلفة، وإذا صرحت برأي معين لم يعجب أحدهم فإنه سيهاجمك ولن يناقشك وسوف يبدأ التحزب عبر محادثات عبر الخاص.

مجموعات «الواتس أب» في مجملها كذبة صدقناها بعد أن حلمنا أننا نستطيع تقبل الآخر والحوار معه إن كان مختلفاً.

نحن في الحقيقة من الصعب أن نتقبل النقد، ومن الصعب أن نتقبل المختلف من مجتمعنا بينما يمكننا تقبل المختلف من مجتمعات أخرى.

في المجموعات ينشر الأعضاء الأخبار ويكررونها، هذا التكرار الذي لا ننتبه إلى خطورته الذي يؤكد سيطرة ثقافة الإنسان في إيصال أفكاره للآخر.

في المجموعات التي يكثر عدد أعضائها إهدار للطاقة فالبعض يتحدث ويسخر وكأنه في مجلس وعليك أن تقبل بما يخالف قيمك وطابع حياتك لأنهم أصدقاء.

وفيها تنشر الأخبار دون مصادر ونتناقش حول خبر ما لنكتشف بعد تضييع الوقت أن الخبر لا أساس من الصحة وهذا يرسخ خاصية التضليل.

فضلاً عن أننا أصبحنا نتسابق لنشر الصور والفيديوهات والأخبار وهذا أصابنا بالهوس فما عدنا نستمتع بعيش اللحظة.

«عمر الحمدي» باحث أنجز بحثه للماجستير عن مواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام وليس مجموعات الواتس اب وتابع مواقع التواصل مثل تويتر والفيس بوك وغيرها لخمس سنوات واكتشف خمس سلبيات لها هي:

ضعف العلاقات الإنسانية، غياب المصادر والشائعات، ضياع الأوقات، كثرة الأخبار السلبية، تدعيم النرجسية.

بالطبع يوجد إيجابيات للمجموعات تظهر في التواصل ومساعدة البعض في مهنته وحياته لكنها مجموعات نادرة جداً وتحتاج إلى مشرف متميز يستطيع تحديد أهداف المجموعة مع الأعضاء والمحافظة على انضباطها في تحقيق أقصى حد من الإيجابيات.

كونوا بخير وحافظوا على الهدوء والسلام في حياتكم، إنما هي محطة مؤقتة لا نستحق فيها سوى الخير والسلام.