«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
إنّ الكتابة عن ظاهرة جنوح الأحداث في مجتمعنا وغيره.. أمر مطلوب، مع تزايد هذا الجنوح المرفوض، والذي سبب لمن لهم علاقة بهم معاناة دائمة. وبالتالي أصبحوا يعانون من مشكلتهم. والحق إنها مشكلة مورقة ومزعجة وتخسر عليها الأسر الكثير من المال والوقت، والدولة أيضاً تخسر الكثير بسبب تنامي جنوحهم غير المنطقي في بعض الحالات.. وعادة ما يتناول الكتّاب والمهتمون من كتّاب الرأي أو المتخصصين، وعلماء الاجتماع وحتى النفس بهذه المشكلة في كل مجتمع، كون «الأحداث» هم جزء مهم من المجتمع بل إنهم يعتبرون مستقبله القادم. وبالتالي الركيزة الأساسية في نهوضه واستمراره وتطوره. بحكم أن الآباء باتوا كباراً. ونسبة كبيرة منهم ركنوا للراحة والاستمتاع بذكرياتهم.
أو التردد على المستشفيات لعلاج أنفسهم من أمراض الشيخوخة المختلفة التي تمدد يوماً بعد يوم داخل أجسادهم.. لذلك يرى المختصون أن جنوح الأحداث مشكلة مركّبة ومتعددة الجوانب.. للمجتمع دور كبير في وجودها بعدم الاهتمام المبكر بأوضاع الأطفال، ومن ذم المراهقين. فإذا لم نستغل أوقاتهم ونوجد لديهم ما يشغلهم، سوف يتجه بعضهم إلى مسارب أخرى تستغل وقته وطاقته الكامنة داخله. وهنا يا للهول مما سوف يحدث لهؤلاء الفتية، عندما يستغلهم البعض من أصحاب الفكر الضال أو التنظيمات الإرهابية أو حتى دول معادية، وحسب ما تشير إليه الدراسات الاجتماعية في العالم والتي بدأت منذ عام 1950م، حيث بدأ العلماء في الغرب وعلى الأخص في أوربا وأمريكا، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية بسنوات، اكتشاف ما سببته الحرب من مشاكل عديدة على فئة الشباب في كلا الجنسين، فكانت الدول والمجتمعات أيامها مشغولة بالحرب. ولم تهتم بما يعانيه شبابها من مشاكل.. الفقر.. اليتم.. فقد الأسرة.. عدم مواصلة الدراسة لأسباب وظروف اقتصادية.. ومع انتشار المخدرات. من خلال تسويقها بطرق مباشرة أو غير مباشرة لإفساد شباب الدول المراد السيطرة عليها.. لذلك سادت في تلك المجتمعات عادة تناول المخدرات، وبالتالي ازدادت حمى تجارتها وأثرى من أثرى من باعتها، وتحولوا إلى أصحاب ملايين يتحكمون في السوق بالمليارات الدولارات.
وها نحن نشاهد في السنوات الأخيرة كيف حاولت وتحاول العديد من الدول الحاقدة على بلادنا تدمير شبابنا وأحداثنا، عبر تهريب المخدرات على اختلاف أشكالها وأنواعها وصولاً لهدف نشرها في مجتمعنا الآمن والمستقر.. وكل يوم تطالعنا أخبار الضبطيات المتعددة في المطارات والموانئ والمنافذ البرية التي يحبطها رجال أمننا في الحدود والجمارك.. وغيرهم من أبطال الوطن.
ورغم ما يبذله أمننا من جهود جبارة لاحتواء مشاكل وقضايا جنوح الأحداث، إلا أنها وللأسف باتت موجودة وتعتبر جرائمها من المشاكل الخطيرة في عالم اليوم، وهي تزداد خطورة وتعقيداً مع ازدياد تفكيك العلاقات الاجتماعية والأسرية، وانتشار الروح الفردية وتأثيرات التقنيات العصرية المختلفة، واتساع شبكات التواصل وتطبيقاتها المتعددة، التي باتت هي الأخرى تساهم في جنوحهم وانحرافهم، بل باتوا أداة طيعة لدى الإرهابيين والمجرمية والخارجين عن القانون.
وإلا فماذا يعني أن يقوم شاب أو فتي مراهق بتسويق المخدرات أو الدعارة أو الدعوة للشذوذ عبر برامج التواصل الاجتماعي، ولكن وله الحمد أجهزتنا الرقابية الفاعلة من هيئة وأمن وحتى من مواطنين غيورين مخلصين .. جميعهم عيون راصدة لكل من تسول له نفسه المساس بقيمنا وعاداتنا ومبادئنا ومكتسباتنا الدينية والإسلامية والأخلاقية.. وماذا بعد حل مشكلة جنوح الأحداث، ليس بالأمر السهل بالرغم من أن علوماً عديدة تسهم في دراسة ومعالجة هذا السلوك وانحرافه، لكن الأهم هو أن نوجد ما يشغل شبابنا.. وأهمها أن نقضي على الفراغ.. فهو الطامة الكبرى، ومستنقع الأوبئة المختلفة ما ظهر منها وما بطن.. مع دراسة ظروف الأسر الاقتصادية، فالفقر والحاجة قد تقود إلى الجنوح، ونخسر مليارات من أجل معالجة الفقر أفضل ألف مرة من أن نخسر مئات الآلاف من أحداثنا وشبابنا، فالمليارات نستطيع تعويضها أما « الأحداث « فهم الأبناء والشباب لو فقدناهم لا يمكن تعويضهم .. أليس كذلك..؟!