د. محمد بن إبراهيم الملحم
تخيل، الكتاب الدراسي سبب لعدم استقرار بدء العام الدراسي وسبب ثقل حقيبة الطالب وسبب عدم تناسق التدريس مع المحتوى! أهم ما يهدد «الاستقرار» كمكون رئيس لبدء عام دراسي ناجح أمران: حركة المعلمين وتوزيع الكتب الدراسية وسوف أتحدث عن عامل المعلمين لاحقاً وأركز الآن على مشكلة توزيع الكتب التي سببها الرئيس دورة التحديث القصيرة جداً حيث تتم طباعة الكتب بكمية تكفي لسنتين أو ثلاث فقط تحسباً للتحديثات التي تطرأ على المنهج من سنة لأخرى وهذه التحديثات في غالبها لا حاجة لنا بها فقد وصلت كتبنا المقررة في السنوات العشر السابقة إلى مستويات متميزة من الإخراج الفني وإعادة الصياغة للمحتوى ودمج بعض الموضوعات بما فيه كفاية ودعوة إلى التوقف عن مزيد من التحديث قصير النفس والتحول إلى التحديث الإستراتيجي بمدى 7 إلى 10 سنوات، إن محتويات العلم الأساسية واحدة لا تتغير وهي غالباً ما يدرس للطلاب كمحتوى أساس، واعتساف فكرة أن حسن تحصيل الطالب هو نتيجة لجودة عرض الكتاب (على صحتها) لا ينبغي المبالغة فيها، ذلك أنها نشأت كرد فعل للإحباط الناجم من ضعف مستويات المعلمين المهنية ولا تعالج المشكلة بمشكلة أخرى. لقد تعرضت في مقال سابق لأخطاء الكتب الدراسية ولا شك أن كثرة التحديثات هو أحد مصادر هذه الأخطاء كما أني أشرت إلى أهمية التجريب قبل طباعة الكتب ولا شك أيضاً أن العمر القصير لطبعة (أو إصدار) الكتاب المقرر لن يعطي فرصة للتجريب بصورته التي طرحتها هناك حيث جعلت منه محوراً لتلافي قصور الكتاب في ملاءمة عرضه وشروحاته للممارسات التدريسية الشائعة، وأدعو هنا إلى إنشاء صفحة متخصصة في موقع الوزارة لعرض أخطاء الكتب وتصحيحاتها والتنازل عن إعادة طباعة كتاب لعدد يسير من الأخطاء، وأرجو أن يتفكر معي مسؤولو الوزارة لو كانت أغلب كتب اليوم لدينا قد طبعت عام 1430 ونحن الآن في عام 1438 فلا شك أن مستودعات إدارات التعليم (والمدارس الكبيرة) ستكون مكتفية بكميات الكتب التي تحتاجها قبل بدء العام الدراسي بسنة وربما بسنتين.
فوق هذا سيكون للكتب الرجيع من العام السابق قيمة مهمة (بسبب عدم تغير الطبعات) حيث يمكن أن توزع الكتب الصالحة منها في حالة حدوث نقص في المستودعات، بل أدعو هنا إلى ضرورة استرجاع الكتب القديمة من الطالب حيث: أولا نستثمرها تربوياً فنعود الطالب تقدير قيمة الكتاب والانضباط مع مقتنياته المهمة، وثانياً نفيد منها بمدخلين: الأولى تخصيص نسخة إضافية لكل طالب، لكنها لا تسلم له وإنما تبقى في المدرسة في درج طاولته بالفصل ليستخدم هذه النسخة أثناء شرح المعلم، علما أن هذه النسخة ستواصل البقاء بالمدرسة للدفعات القادمة لذلك الصف، ويتخلص الطالب بهذه الطريقة من حمل كتبه الجديدة معه إلى المدرسة فتبقى تلك في المنزل للاستذكار والمراجعة المنزلية وهذا حل لمشكلة الحقيبة المدرسية التي سبب ثقلها الرئيس هو وزن الكتب، المدخل الثاني هو أن المدرسة باسترجاعها كميات من الكتب القديمة وبعد أن تطبق ما أسلفنا بتخصيص نسخة إضافية تبقى بالفصول فسوف تتوفر لديها زيادات عبر السنوات السبع أو العشر لكل إصدار، وهذه يتم بيعها لمصانع الكرتون لتوفر عائداً تفيد منه المدرسة في أنشطتها. لقد اتبعت طريقة استرجاع الكتب القديمة في التسعينات الميلادية حيث لا تسلم النتيجة للطالب إلا إذا أحضر الكتب القديمة وأرى أنها نجحت في حث الطلاب على المحافظة على الكتب ومهما كانت الجدوى الاقتصادية من بيع هذا الرجيع غير مغرية جدا إلا أن هذا الإجراء بحد ذاته أفضل تربوياً بكثير من رميها في النفايات وسماحنا كتربويين بنمو شعور الاستهتار بقيمة الكتاب لدى أبنائنا وبناتنا ونحن قادرون على التصرف بما يمنع ذلك.