مها محمد الشريف
لم تعد الخيارات السياسية والمناورات العسكرية وتهديدات الدول العظمى، معيارا لصناعة دولة قوية وعالم مستقر، بل إن تلك السياسات المبنية على المصالح وحب الهيمنة على الثروات؛ قذفت بالعالم على شفير حرب عالمية ثالثة، في محيط يترنح تحت وطأة الفوضى، فهل تفتح المرأة نافذة جديدة للأمل؟ ،وهل تستطيع أن تصلح ما أفسده الرجل، بعد وصولها في عام 2016؛ إلى مناصب سياسية مؤثرة في صناعة القرار السياسي العالمي، أم أن مفاهيم الصراع والمصالح لن تختلف باختلاف الأدوات؟.
آن الأوان كي تثبت المرأة خطأ الانطباع السائد عالميا بعدم نجاحها في السياسة، إذ تشكل المرأة، هذه الأيام، ثقلا في معادلة صناعة القرار العالمي، بعد أن انضمت تيريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا إلى المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسة كوريا الجنوبية بارك جيون هاي، ورئيسة تشيلي ميشيل باشيليت، فضلا عن مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، ويأتي هذا الحضور السياسي والاقتصادي المؤثر للمرأة في وقت يتأهب فيه العالم لاستقبال هيلاري كلينتون كأول امرأة ترأس الولايات المتحدة الأمريكية، تلك الدولة العظمى التي ما زالت تحتل مركزا متأخرا في الترتيب الخاص بتمثيل النساء في المناصب السياسية، وهذا لا يعود إلى التمييز ضد المرأة، بل لأسباب كشفت عنها دراسة في واشنطن أهمها غياب الطموح السياسي لدى العنصر النسائي وعدم اهتمامهن بخوض غمار التجربة السياسية.
لا بد أن يبحث العالم عن الحلول، ولابد أن يخترق الرموز والألغاز لتغذية حاجة الإنسان الفكرية والاجتماعية والنهوض به من العجز السياسي المفتعل والمؤدي إلى نتائج كارثية، للوصول إلى عالم جديد يحكمه القانون العادل وتتلاشى فيه المصالح الفردية ويعم الأمن والاستقرار والتعايش. لذا لابد أن تقول المرأة كلمتها وتضع لها بصمة واضحة على خارطة السياسة العالمية، بل إن المرأة مطالبة هذه الأيام برسم مسارات سياسية تتفوق فيها على التجارب النسائية السابقة والأسماء الكبيرة في السلطة مثل غولدا مائير، ومارغريت تاتشر، وأنديرا غاندي، وبينظير بوتو، تلك الأسماء التي على الرغم من صرامتها ونجاحاتها؛ إلا أنها لم تستطع أن تخفف تجاعيد الزمن في وجه الماضي.
إن العالم يعيش هذه الأيام أحداثا سياسية وعسكرية متسارعة، بل إن الإنسان يستشعر خطر الأوضاع السياسية في كافة بقاع العالم، ويراقب بقلق مناورات الحرب النووية التي بدأت مؤشراتها تتجلى بدءا من حرب التصريحات الباردة بين الدول العظمى، وصولا إلى الخبر الذي سربته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية حول طلب؛ وجهه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً، إلى دبلوماسييه بضرورة استدعاء أقاربهم بالخارج إلى البلاد على وجه السرعة بسبب احتمالات كبيرة لنشوب حرب عالمية ثالثة.
وبالنظر إلى هذه الأحداث والاحتمالات، يتطلع العالم اليوم إلى دور مختلف لتلك الأسماء القيادية تثبت من خلاله المرأة أنها قادرة على تولي القيادة وإحداث تغييرات إيجابية على المستوى العالمي، فضلا عن تغيير نظرة مجتمعاتهن لدور المرأة وقدرتها على صنع القرار والنجاح.
لا يمكن للقيادات النسائية تشخيص الأزمة الحالية وتحليلها وتجاوز مخاطرها، دون الوقوف على أخطاء سابقاتهن في عالم السياسة، والسعي بجدية إلى عدم تكرار أخطائهن، وطرح السؤال الأهم: ماذا قدمن خلال مسيرتهن السابقة للدول والمجتمعات التي تعاني من الصراعات الداخلية بفعل الاحتلال والاستعمار؟، ماذا قدمت جولدا مائير وتاتشر في قضية فلسطين؟، إذ تميزتا بالعناد والصلابة والتمسك برأيهما ولم تحققا أي تقدم في ترقية العوالم المعيشية وأهمها وعي الشخصية وتطويرها ونشر ثقافة السلام.
ما الحاجة اليوم إلى الحديث عن نظارة المستقبل ونحن نعاصر تاريخا يتحول إلى عالم مرهون بهلاك الإنسان، وانطلاقاً من هذه الحاجة، لا يمكن فصل الزمن عن الواقع وهو يحمل إلى المستقبل؛ تركة ثقيلة من مخلفات الأنظمة الأيديولوجية، ولا يمكن للقيادة العالمية الجديدة أن تصلح ما أفسدته سياسة الرجل المتصلبة دون أن تطمس الشك الذي أصبح يحيط بالحاضر ويهدد المستقبل.