أحمد محمد الطويان
نجاح أي سفير آخر غير سفير نظام طهران في العاصمة العراقية مهمة شبه مستحيلة.. وأهم نجاح ديبلوماسي في البلد الذي لم يستشعر الراحة ولا لدقيقة واحدة من بداية الثمانينيات وحتى اللحظة في أن تكون لدولتك شخصية حاضرة وصوت مسموع. عندما اقترب ثامر السبهان من تحقيق النجاح الديبلوماسي الكبير في العراق انطلقت ألسن الرافضين لأي دور يصرع الحضور الإيراني في بغداد «المُتعبة» والسبهان لم يقبل أن يكون عمله بروتكولياً، وتصرف في حدود الأعراف الديبلوماسية وفضَّل في حدود دوره أن يكون لبلاده حضور يناسب ثقلها وأهميتها، نجح السفير في تحقيق كثير من أعماله للحفاظ على مصالح بلاده وتعزيزها، وتأكيد السياسة السعودية المعتمدة على مجموعة من القيم والضوابط، وكل ذلك لا يتعدى الحياد الذكي والإيجابي.
من بيروت والتي اعتبرها مدرسة السياسة العربية، إلى بغداد التي تمثِّل نقطة ارتكاز المشروع الإيراني في المنطقة انتقل ثامر السبهان في مهمتين الأولى ملحقاً عسكرياً في لبنان، ومن ثم أول سفير سعودي في العراق بعد انقطاع العلاقات إبان غزو نظام صدام حسين للكويت.. بلا شك يتمتع السبهان بشخصية لافتة وكاريزما قيادية، ولغة لا مكان فيها للون الرمادي، ومع ذلك تجدها متوافقة مع رقي الخطاب الديبلوماسي العقلاني المتجرد من العاطفة.. وهو من الديبلوماسيين السعوديين الذين يعرفون جيداً مقاصد الخطاب السياسي السعودي ويدركون أهمية الدور السعودي وفعاليته.
صانع القرار السعودي الذي اختار السبهان من بين المئات من أجل العمل الديبلوماسي لديه نظرة صائبة، ومن بعد ما قدّمه من جهد في العراق كلّفه بمهمة لها أهمية كبيرة.. لماذا وزير دولة لشؤون الخليج العربي؟
وزير الدولة في وزارة الخارجية يقوم بعمل قيادي بملفات محددة ويعتبر ممثلاً للحكومة ولوزير خارجيتها في الشؤون المرتبطة به وظيفياً، والأهمية تُضاف لموقع ثامر السبهان الجديد لما يمثِّله الخليج العربي من ثقل على مستوى المنطقة والعالم، ولأن ملف إيران سيكون من ملفات وزير الدولة الجديد بما يحمله هذا الملف من تحديات كثيرة وتداخلات مثيرة، كما أن العلاقات السعودية مع دول الخليج على المستوى الثنائي تتطلب الكثير من التركيز والتنسيق المستمر، وتطوير العمل المشترك من خلال مجلس التعاون، وكذلك العلاقات الخليجية مع الدول الأخرى والمنظمات الدولية.. ولأن الخليج اليوم هو مركز السياسة العربية لن تكون مهمة سهلة أن تحمل شؤون الخليج في الدولة العربية الأكثر تأثيراً والتي تقود دول مجلس التعاون الخليجي سياسياً في أكثر الأوقات حساسية.
معالي وزير الدولة لشؤون الخليج العربي سيبدأ مهامه إلى جانب وزير الخارجية لتأكيد النجاحات السعودية وتعزيزها، ولتدعيم العلاقات بين الأشقاء ومواجهة الإجرام الإيراني... حفظ الله وطننا، وكل التوفيق للمواطن المخلص ثامر السبهان.