د. فاطمة العتيبي
يرى الأستاذ الجامعي الفرنسي فريدريك غرو في كتابه (حالات عنف) أن مفهوم الحرب والسلام لم يعد مناسباً لما يجري في العالم، لكن التدخل والأمن هما التعبيران المناسبان، فالدول تتدخَّل من أجل تحقيق الأمن، واتخذ التدخل اليوم شكلاً مختلفاً عن حروب المواجهة بين الفرسان وبين من هم أقل منهم، اليوم يتم التدخل عبر تحديد أهداف معينة وضربها بهدف إضعاف واستنزاف التنظيمات التي تتشكّل من مرتزقة خارجة عن القانون وهذا التدخل لا يستهدف البشر، بل هو يستهدف مراكز المعلومات ومخازن الأسلحة والمفاعلات النووية والجسور والكباري وغيرها من المعينات التي تخدم التنظيمات في عنفها وعداواتها.
واعتماداً على ما قاله الباحث الفرنسي فإن الاتفاقيات الدولية أنهت الحروب التوسعية التقليدية وجعلتها من الماضي وهو يرى أن أوروبا التي كانت مسرحاً للحربين العالميتين الأولى والثانية هي التي أنهت الحروب بسنّها القوانين الضامنة لسيادة الدول واحترام حياة البشر.
وأتفق مع الباحث الذي يرى الشرق الأوسط يجد أن التنظيمات المرتزقة هي التي تشعل فتيل الحرب أو توجد مبررات للتدخل لتحقيق الأمن، فتمرد الحوثيين وتغذية إيران وتسليحهم أوجد حاجة ملحة للتدخل في اليمن لإنقاذ الشرعية وعلى أن هذا التدخل الذي تم بمباركة مجلس الأمن فقد نفذ فيه التحالف بقيادة المملكة غارات عديدة طوال عام ونصف العام تقريباً على أهداف عسكرية مع محاولات عديدة من الحوثيين لإظهار عكس ذلك.
إلا أن إقرار التحالف بأنه أخطأ في ضرب أحد التجمعات البشرية يثبت أنه فعلاً كان يخوض تدخلاً من أجل تحقيق الأمن في اليمن وتخليصه من التنظيم المتمرد، وأن هذا الخطأ حالة استثنائية بسبب تمرير معلومات خاطئة للتحالف.
وهو بالضبط ما يتم في الموصل، فالتحالف الدولي ضد داعش يتدخل الآن لتحقيق الأمن وإنقاذ الموصل من هؤلاء المرتزقة.
حالات العنف المنظمة متى تنتهي ويتمكن العالم من العيش بسلام.. وتصبح أيضاً مصطلحات التدخل والأمن جزءاً من الماضي؟.. وهذا يتطلب حديثاً آخر.