د. محمد عبدالله الخازم
سألني بعض الشباب كيف تصبح كاتباً صحفياً، وقد حاولت تحديد السؤال، لأن هناك فرقا بين كيف تكتب أوكيف تختار الموضوع أو كيف ترتب أفكار المقال، وبين كيف تصبح كاتباً صحفياً، حيث إن مسألة كونك تجيد الكتابة وتملك مهارتها سابق لكيف تصبح كاتباً صحفياً؟
هناك من يملك أفكاراً عظيمة ويجيد فن الكتابة من ناحية أدبية ولغوية أفضل من بعض كتَّاب الرأي. لكن الفرق هو في استمرارية الكتابة، وهذه هي النقطة التي ركزت على شرحها سابقاً في لقاء بإحدى المدارس الثانوية، كان عنوانه كيف تصبح كاتباً في عشر دقائق؟ ولطلبة الدراسات العليا؛ كيف تكتب الدكتوراه في عشر دقائق، والعنوان ليس من تأليفي بل يوجد كتاب جميل بهذا العنوان، لمن أراد التوسع في الموضوع...
الفكرة ببساطة هي؛ لكي تصبح كاتباً صحفياً أو لكي تضمن قدرتك على الاستمرارية في الكتابة، أنت بحاجة إلى أن تكون الكتابة جزءا من عاداتك الروتينية. أمر صعب جداً أن تأتي فجأة تحاول كتابة بحث أو مقالة طويلة أو كتاباً دفعة واحدة، والكتابة أساساً ليست من عاداتك. تماماً مثل الرياضي، لايمكنه خوض سباق المارثون وهو لم يسبق له الجري لشهور طويلة.
وهنا السر في كيف تصبح كاتباً في عشر دقائق؛ أنصح من يريد أن يصبح كاتباً سواء صحفياً أو غير صحفي بأن يبدأ بالكتابة لمدة عشر دقائق يومياً. فقط عشر دقائق، وبعدها - في حال وجود الفكرة- ستجد العشر دقائق تمتد لعشرات الدقائق، وستجد أن عادة الكتابة بدأت تتطور لتصبح روتيناً.
سألني أحد الطلاب، لكنني لا أجد شيئاً أكتبه في ذلك اليوم. قلت له اكتب أي موضوع. اكتب لماذا ليس لدي مزاج للكتابة اليوم، هل لأن الطقس ليس جيداً أم لأنني لم أشرب قهوة الصباح أم لأنني لم أنم.... المهم هو أن تكتب لمدة عشر دقائق يومياً، كحد أدنى.
سألني طالب آخر، لكنني أتوقف عند أول جملة أو جملتين لأنني لست متأكداً من قواعد اللغة أو طريقة الكتابة. نصحته في البداية عليك بالكتابة دون التوقف بغض النظر عن الأخطاء اللغوية والتعبيرية، وبعدها يأتي دور الإعادة والتنقيح والتعديل. المهم هو أن تعود نفسك على عادة الكتابة وحدها الأدنى الذي أقترحه عشر دقائق.
طبعاً مهم جداً معرفة أن الكتابة وعرض الأفكار لها طرق فنيه مختلفة وبأن هناك أساسيات لغوية وتعبيرية - حسب نوع الكتابة- يتم تعلمها بالدراسة والممارسة، التي تصقل الموهبة والرغبة والاهتمام. بعض ذلك يمكن تعلمه واكتسابه، لكن الأهم من ذلك هو الزاد المعرفي، لابد أن تقرأ أكثر مما تكتب بكثير. القراءة والقدرة على التحليل والتفكير هي الزاد المعرفي الذي يؤسس لأية فكرة أو مشروع كتابي.