عروبة المنيف
إن التأثيرات السلبية التي تقع على ضحايا التحرش الجنسي من الأطفال ستنعكس بشكل أو بآخر على أسر الضحايا وعلى المجتمع بأسره الذي سيجني في النهاية حصاد تلك التشوهات الجسدية والنفسية والسلوكية المؤلمة.
في دراسة مثيرة أنجزها برنامج الأمان الأسري على عينة مكونة من سبعة عشر ألف طفل من مختلف مدارس المملكة والتي توصلت إلى أن طفل من كل عشرة أطفال في المملكة يتعرض للإيذاء أو الاعتداء الجنسي وأن تعرض الأطفال الذكور للاعتداء الجنسي يفوق معدل تعرض الإناث لنفس الاعتداء بما يقارب الضعف!، وتؤكد الدراسه أيضاً إلى أن غالبية المعتدين جنسياً على الأطفال هم من البالغين فوق سن الثامنة عشر ومن محيط الطفل سواء من الأقارب أو الأصدقاء أو الخدم!.
تلك الدراسة تشير إلى أمرين هما في غاية الأهمية، الأمر الأول، هو ظاهرة تعرض الذكور للاعتداء والتحرش الجنسي بنسبة تفوق تعرض الإناث لذلك الخطر ما يجعلنا نعلق ناقوس الخطر ونتساءل، هل خوفنا على عذرية الطفلة الأنثى يجعل حمايتنا لها تفوق حماية الطفل الذكر؟ فالأنثى لها عذرية بينما الذكر لا عذرية له فلا خوف عليه من خروجه لوحده إلى الشارع أو لأي مكان آخر وفي أي وقت!، ولا مانع من ذهابه لوحده أيضاً مع من هم في مثل جنسه من الذكور سواء من الأقارب أو الأصدقاء أو الخدم. الأمر الثاني وهو وضع الثقة بالمقربين من الطفل وخصوصاً جنس الذكور وعدم أخذ احتياطات الحماية اللازمة لهم كما الإناث!. إن كلا الجنسين معرضان للتحرش والاعتداء، والأضرار واحدة والتي تبدأ بأمراض وتشوهات في الأعضاء التناسلية وتنتهي بأمراض وتشوهات نفسية وسلوكية حيث العدوانية والانطوائية والقلق المستمر وانعدام الثقة بالنفس وصولاً لأدنى المشاعر في سلم الوعي ألا وهو الشعور بالذنب المؤدي للانتقام أحياناً وللانتحار أحياناً أخرى.
إن المعتدي الجنسي ذو شخصية «سيكوباتيكية» من الصعب التعرف عليها واكتشافها وتعاني في الغالب من شذوذ جنسي وسلوك عدواني مستمر، وفي غالب الأحوال يكون ذلك المعتدي ممن تعرضوا للاغتصاب في صغرههم ما يجعله يكيل الصاع صاعين لمجتمعه رغبة في الانتقام والتشفي، وتؤكد الدراسات أيضاً إلى أن شخصية المعتدي تعاني في الغالب من خلل واضطراب نفسي يدعى «البيدوفيليا» والذي يكون محوره الإحساس بالانجذاب والرغبة والاستثارة الجنسية من قبل البالغين «غالباً ذكور» تجاه الأطفال سواء كانوا «ذكوراً أو إناثاً»، ما يستدعي الحماية لكلا الجنسين وبالتساوي فلا نحمي الفتيات من أجل صيانة عذريتهن ونستهين بعذرية الذكور، فالضرر عندما يقع سيكون متساوياً والنتائج ستكون وخيمة على الجميع، فأولادنا أمانة في أعناقنا وحمايتهم من الأخطار المحدقة واجب والدي ما يستوجب تكثيف جرعة الحماية من محيطهم نظراً لانتشار ظاهرة الاتكالية غيرالمنطقية على الخدم غير المؤهلين في رعاية وتربية الطفل.