غسان محمد علوان
انقضت الجولة الخامسة من الدوري والهلال وصيفًا بفارق نقطة واحدة عن المتصدر فريق الاتحاد، ومتأهلاً لدور الثمانية في كأس ولي العهد منتظرًا لمباراته الاستثنائية (عاطفيًا) أمام الشباب بقيادة ابن الهلال سامي الجابر. نظريًا وبناءً على كل ما سبق، باستثناء التعثر أمام الاتفاق بقيادة الهارب والباحث عن الإقالة ماتوساس، الأمور في الهلال إيجابية جدًا وواعدة بموسم أزرق جميل (بعد توفيق الله). لكن الحاصل في الشارع الهلالي الذي لا يخفى على أصغر متابع هي السلبية المرعبة من جماهيره بشكل يدفعك دفعًا للتشكيك بذاكرتك، لتعود مضطرًا لمراجعة ترتيب الدوري لتتأكَّد أن الهلال لا يقبع في مؤخرة الترتيب. ثم تعود مجددًا للاطلاع على قائمة أسماء اللاعبين الموجودين في الفريق لتتأكَّد أيضًا من ضمها لنجوم دوليين وأسماء كبيرة على مستوى الدوري أم لا.
هناك تغير جذري في طريقة تعاطي الجمهور الهلالي مع فريقهم، وأصبحت شيئًا فشيئًا تأخذهم بعيدًا من جوهر تشجيعهم للفريق ألا وهو محبته وعشقه ودعمه بحثًا عن الانتصارات وتحقيق الألقاب. ففي كل تعليق على الفريق قبل أو خلال أو بعد أي لقاء تواجه صعوبة كبيرة في إيجاد النقاط الإيجابية، أيًا كان نوعها من الإيجابيات. فاللاعب السيء ينال تقريعًا مرعبًا ومتواصلاً وسيلاً من التغريدات، وإن تلافي سلبياته في اللقاء الذي يليه يتم تجاهله تمامًا ولا يلقى الحد الأدنى من الإشادة، بل يتم التركيز على لاعب آخر لم يقدم المستوى المأمول منه.
ميزان النقد والمدح الذي من المفترض أن يكون متقاربًا بشكل أو بآخر على المدى البعيد، لم يعد موجودًا إطلاقًا لدى عشاق الزعيم. فالحلطمة وذكر السلبيات أصبحت أكثر جاذبية لدى المغردين، والتفاعل معها كبير جدًا على عكس التفاعل مع المدح والإشادة. وليت كل هؤلاء (المتحلطمين) يقومون بدورهم الوحيد الذي ينادي به كل اللاعبين والمدربين والإداريين في النادي إلا وهو الحضور في الملعب مساندة الفريق فعليًا لا نظريًا. فالهلال صاحب الجماهيرية العظيمة التي لا يضاهيها أي فريق آخر في المملكة والخليج استنادًا على كل الإحصائيات الرسمية وغير الرسمية، وأرقام الحسابات التي تتابع الأندية، واشتراكات خدمات الأخبار لدى شركات الاتصالات سابقًا وحاليًا، لا تنعكس إطلاقًا في المكان الأهم وهو المدرج.
عينات سلبية موجودة وبكثرة قادرة على التأثير بشكل ملموس وحقيقي على الرأي الهلالي، ومن يهمه الأمر يستطيع وبكل سهولة العودة لتغريداتهم التي تنتقد لاعبًا بعينه في ثلاث أو أربع تغريدات على تمريرة خاطئة، مطالبًا بتنسيق اللاعب ومذكرًا برأيه السابق في فشل هذا اللاعب وعدم جدارته بارتداء قميص الهلال. وفي نفس اللقاء لو سجل نفس اللاعب هدفًا أو اثنين تجده صامتًا أو يكتفي بقول: (أخيرًا، ما بغينا نسجل)!! فلا ذكر لاسم اللاعب، ولا إشادة بهدفه ومجهوده، ولا أي كلمة إيجابية واحدة تبرر كل النقد والتقريع الذي سبق.
كلنا وفي جميع مواقعنا العملية، نتقبل الانتقاد إن أخطأنا. وننتظر الإشادة والتكريم ولو كان مجرد كلمات تحفيزية بسيطة تجعلنا أكثر حرصًا على تقديم المزيد والبحث عن أداء أفضل. كل هذا يحصل في أماكن عملنا التي من المنطق أن يحكمها الأداء العملي، دون العامل المعنوي أو التحفيزي. وعلى الرغم من هذا نغضب جدًا ونتأفف وينعكس ذلك على أدائنا عندما نجد الانتقاد دون الإشادة، لنصل بلا شعور إلى مرحلة التبلد. فما بالكم لو كان هذا الحاصل في ميدان تنافسي قابل للفوز والخسارة، ويتم فيه بذل الجهد البدني إلى أقصى حد، مما قد يعرض اللاعب لإصابة قوية قد تستمر معه طوال عمره؟ وفي مجال تحكمه العاطفة والمحبة المرتبطة بتشجيع الفريق ومتابعته والالتصاق به..
لتبرر قسوة انتقادك، اقرنها بذكر المحاسن. فالنقد الذي يطرح لتلافي السلبيات شيء أساسي وبالغ الأهمية والفائدة، ولكن إن لم يتوافق مع توضيح الإيجابيات والدعوة لتنميتها وتطويرها، فسيضعف تأثير ذلك النقد إلى حدٍ يصل معه ليكون مجرد حديث عابر لا يحرك شعرة في رأس المنتقَد الذي تولدت لديه قناعة راسخة بأنه لن يسمع كلمة إشادة مهما فعل، وسيسمع على الدوام انتقادًا وتقريعًا بعيدًا عن التفهم لوضعه في ذلك الوقت. فلمَ الاهتمام إذًا؟!
ذلك الطريق الذي ينتهجه الجمهور الهلالي بندرة الحضور في الملاعب، وسوداوية الطرح في كل الأحوال، سيجعل منهم عبئًا على فريقهم، بعد أن كانوا موجًا أزرق هادرًا يبث الحماسة والقتالية في لاعبيه، ويرهب خصومه طوال دقائق المباريات. فالقرار لهم، إما أن يكونوا عبئًا أو عونًا. حافزًا أم حاجزًا. عشاقًا أم مديرين متسلطين لا يعجبهم أي شيء.
فما هو قرارهم؟!
خاتمة...
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
(طرفة بن العبد)