السادة إدارات المرور بالمملكة، من آن لآخر أكرر الكتابة لكم، لأن الحديث في الشأن المروري طويل ومتشعب والموضوع شائك، أن الذي يدفعني لذلك هو حرصي على نهضة ورقي وتألق المرور، وأن يكون قنديلا ومنارة ونورا، إن من أسباب النجاح هو تقبل الآراء البناءة والانتقادات الهادفة، عكس من يعيشون الحالة ويتقبلونها كما هي دون تبدل أو حراك، أنا واحد من الذين يهتمون بالشأن المروري ويتأثرون بهمومه وشجونه وحالاته كلها، كنت وما زلت آمل أن يكون المرور أفضل بكثير مما هو عليه الآن، لأن ما يحدث في شوارعنا وينغص علينا حياتنا ويصيبنا بالحزن والقلق والأسى هو الذي يدفعني للكتابة لكم، لأن اختفاءكم شبه التام عن شوارعنا وطرقنا وممراتنا يضع أمامنا علامات استفهام كثيرة وكبيرة وبها حيرة؟ إن الأمن المروري يجلب الراحة والسرور والعافية، ويحد من الدمار والموت والخراب والفوضى، زرت كثيراً من مدننا ومحافظاتنا راكبا وراجلا وشاهدت الفوضى والزحام والتداخل، ولم أشاهد رجال المرور إلا النزر الأقل من القليل؟!، لقد زرت بعضا من مدن العالم الآخر ورأيت نظام الطرق والمرور لديهم، وكيف هي هيبة شرطي المرور والتزامه، وقارنته بالحال لدينا فكانت النتيجة صادمة، يا إدارات مرورنا بالمملكة، المرور نظامه وقانونه وتطبيقه مسؤوليتكم وأمانة في أعناقكم والتواجد الدائم في الشوارع والطرقات من مهامكم وواجباتكم الرئيسية التي يجب أن تكون، والتي لا يجب أن تغيب أو تتضاءل أو تختفي، نريد العمل الميداني، ولا نريد برستيج المكاتب، الدول يا إدارات المرور تقاس برقي مرورها وجمال طرقها، وانسياب الحركة بها، والمشهد المروري في كل دولة عنوان الرقي والتحضر، ويعبر بجلاء عن مدى تطبيق الأنظمة والقوانين التي تنظم الحياة العامة في كل بلد، كما أن الفوضى المرورية هي الأخرى تعبر عن الوجه السلبي لمستوى العمل المروري، وعن تراجعه في ضبط الحركة في الشارع، إنني أتساءل: هل نزل أحد مسؤوليكم الكبار بنفسه في الشوارع وعمل استبيانا، وسأل الناس كيف هم مع الزحام؟ وما هو شعورهم؟ وما مقدار درجات القلق والتوتر الذي يعانون منه؟ وعن انعدام الانسيابية والتنظيم؟ وعن الغياب شبه التام لرجال المرور ودورياتهم؟ وعن مدى رضاهم عن المرور من عدمه؟ وهل راقب التفحيط والسرعة الجنونية وقطع الإشارات وعكس السير والوقوف الخاطئ وطمس اللوحات وإزالته الصدامات؟ هل حاول أي من المسؤولين الكبار عمل ذلك؟ وهلرب أن يركب تاكسي ويمشي في شوارع المدن الكبيرة، ويرى الحال والحركة المرورية الفوضوية التي يعيشها السكان ليل نهار؟ يجب علينا ألا لا نغالط أنفسنا حتى لا تنطلي علينا الخديعة، ولنجعل الحوار بيننا منبراً، وصولا لنتائج إيجابية باهرة، نحن بحاجة فعلية لتطوير المرور وجعله إدارة تفاعلية، يساهم مساهمة عاجلة في ردم الفوضى الحاصلة الآن، ويعيد لنا زمن المجد المروري الذي كان، الذي جعل المملكة فيما مضى واحدة من أفضل دول العالم في المشهد المروري، فما كان أحد يجرؤ على الوقوف المزدوج أو قطع الإشارة أو عكس الطريق أو التظليل الكامل المخيف، رغم ضعف الإمكانات البشرية والمادية حينها، حدسي أن المرور قد تخلى عن كثير من مهامه خدمة لـ»ساهر» و»نجم» الذي معهما ضاع المشهد المروري، وأصبح قطع الإشارات عمداً وفي أوقات الذروة جزءا من المشاهد المعتادة، وربما انتقاماً من الإشارات التي لا يكون فيها ساهر حاضراً بفلاشاته، كما تنامت جرأة السائقين على عكس الطريق، وبات الوقوف الخاطئ من الأمور اليومية الطبيعية في مختلف مدن المملكة، وهنا يبرز أكثر من سؤال: إلى أين يتجه المشهد المروري؟، ولماذا يمضي قدماً في هذا التدهور؟، وهل يمكن إصلاح هذا الجهاز؟، أم أن النية تتجه نحو خصخصة بقية أدوار المروركتلك التي يتولاها «نجم» أو «ساهر»؟، وماذا يعني سير دوريات المرور التقليدية في الشوارع أمام السيارات المخالفة دون أن تحرك ساكناً؟، وإلى أي حد يسهم ذلك في ضعف هيبة النظام؟
إن الذي ينغمس في الهم ويعيشه، هو الذي يجب أن يكون الصوت والصورة، ومطلبنا أن تسمعونا وتتفاعلوا معنا، حواراً ومفاهمة لا جدلا ولا لغوا ولا تأثيما، وبهذا يتطابق الفكر والفعل والممارسة، إنني يا إدارات المرور أحسب إننا وإياكم أحوج لمثل هذا الشيء الذي يجعلنا أكثر راحة وفرحاً وسلامة، ويجعلكم أقوى عملاً، وأكثر تأثيرا، إننا بحاجة ماسة لخروجكم من الأحادية الفردية، والحجرات المكتبية، والمسلمات التي لم تختبر ولم يزكها الواقع، إلى فج الواقع وأرضه وناسه ومحيطه، إن الضرورة القصوى تستوجب الخروج عاجلا من شرنقة القناعات التي تهاوت مسببة الخيبات والصدمات، إن عليكم التحول والتبدل والتغير والتقاط الجديد، وامتلاك القدرة على أن تكون أعمالكم ريادية في التحولات كما يفترض وينبغي، أن الغفوة الطويلة يجب ألا تستمر، لأننا متعطشون لسماع رؤياكم وخططكم الجديدة، إن لديكم مهمات جليلة قد أوكلت إليكم، وعليكم تأدية هذه المهمات بنجاح يواكب تطلع قيادتنا الرشيدة، بعيداً عن الهشاشة والهزال والسطحية والشخير.
abumohannad01@gmail.com
ramadanjready @