خالد بن حمد المالك
العالم يمر بتحولات كثيرة، ومتغيِّرات غير معتادة، اقتصادية وأمنية، وجميعها تمس دول العالم بالصميم، وتؤثّر على أمنه واستقراره وحياته المعيشية، وتعرضه إلى حروب دامية، وقتال إذا ما بدأ فلا أحد يعرف متى ينتهي، ولا كيف يمكن السيطرة عليه، أو الحد منه، أو التقليل من أضراره وامتداداته.
**
منطقتنا هي المستهدفة في الوقت الحاضر، لأنها مهيأة للتجاوب مع هذه التطورات الخطيرة، ولديها قابلية لفتح أرضها وبحرها وسمائها لكل ما يؤذي شعوبها، حيث أصبح من السهل اختراقها، ووجود من يتعاون من أبنائها على إحراقها، ومن دولها من يؤجج هذا الصراع، ويزرع الفتنة، ويخلق الأجواء المناسبة للتوتر.
**
اقتصار الحروب على منطقتنا في الوقت الحاضر، ودخول عدد من دول العالم طرفاً فيها، لن يقتصر في المستقبل على هذا الجزء من العالم، فالحريق سيمتد، والقتال سيتسع ليشمل مناطق أخرى، والصراعات سيكتوي منها الجميع، ولن تكون هناك دولة أو منطقة عصية على الإرهاب، أو لديها المناعة دون وصوله إليها، حتى وإن امتلكت هذه الدولة أو تلك من القوة العسكرية ما تعتقد أنها في جاهزية دائمة للدفاع عنها.
**
الحروب تبدأ عادة صغيرة ومحدودة، ثم تكبر وتتسع، كما كرة الثلج، وسرعان ما تمتد لتصل إلى الجميع، وبالقدر الذي لا يمكن لأي قوة في الأرض من أن تسيطر عليها، أو تطفئ نارها، فالسلام الهش لا يصمد أمام النوايا السيئة، والإخلال بأمن العالم يكون سببه في العادة الأطماع والشعور بالقوة لدى الدول الكبرى، وما يتولّد عنها من رغبة في الهيمنة والسيطرة على القرار والمصالح في الدول الأضعف.
**
ومن المؤكد أن أطماع الدول الكبرى، وحرصها على امتداد مصالحها لدى أراضي من هي أضعف منها، حتى ولو تطلب ذلك تدخلاً مباشراً أو غير مباشر في أوضاعها الداخلية، بما في ذلك إشعال الفتن والحروب الأهلية، من المؤكد أنه ما كان لها أن تنجح في تحقيق أهدافها لولا وجود طابور خامس من المواطنين يعمل لصالح العدو القادم من الخارج.
**
الحالة المتردية في سوريا والعراق واليمن، هي من صنع العدو، وهو من أشعل فتيل هذه الحروب الدامية، ومن موّلها، ودخل طرفاً فيها، ولا يزال يغذّي استمرارها، فيقتل من يقتل من المواطنين وغير المواطنين، مع تعريض المباني والمؤسسات إلى الخراب والدمار، فالأنظمة الانقلابية الحاكمة أو التي اختارها العدو تجد في تعاونها مع العدو، وفي هذه الأجواء غير المستقرة ما يوفر لها المزيد من الوقت للسيطرة على مقدرات البلاد وعلى رقاب المواطنين الشرفاء.
**
لا توجد - بنظري - حلول أو ترتيبات حقيقية تلوح في الأفق لخروج دولنا مما تعانيه من أوضاع متردية، طالما بقيت إيران تعبث بأمن دول هذه المنطقة، دون أن يعلو صوت عاقل وقرار عادل لإيقافها عن تدخلاتها في شؤون الدول العربية، ما شجعها على الاستمرار في الإضرار بدولنا، وسط حالة من الصمت من مجلس الأمن، ومشاركة بالمؤامرة لدى بعض الدول العظمى في العالم.
**
نعم تنظيم داعش يمثِّل خطراً حقيقياً على الأوضاع في المنطقة، وهو لاعب خطير في كل ما يجري، وتكمن خطورته في تعاونه مع إيران، وتناغمهما في الأهداف والتوجهات، ما أوصل منطقتنا إلى ما وصلت إليه من فوضى واقتتال وإهدار لدماء الأبرياء، فكيف لنا أن نكون في مأمن من شر هذا الثنائي، والعالم بمؤسساته الدولية لا يلقي اهتماماً، ولا يحرك ساكناً، رغم أن إيران هي من تقف (بالتخطيط والدعم والمساندة بالمال والسلاح والرجال والإعلام) وراء انهيار الأمن في عدد من دولنا، واستمرار الحروب الدامية فيها، بما لا يحتاج منا إلى دليل.