«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
تُعاني الأسواق وفي مختلف دول العالم الغنية والمتوسطة والفقيرة من ظاهرة قيام بعض المتسوّقين والمتسوّقات بالسرقة من المحلات والمتاجر وحتى الأسواق الكبرى.. سوبر ماركات أو مولات.. وفي العقود الأخيرة ومع انتشار كاميرات المراقبة في مختلف المحلات والأسواق بشكل عام، رحنا نشاهد لقطات وصوراً تُوثق هذه الظاهرة التي كانت فيما مضت لا يعرف عنها إلا أصحاب السوق والعاملون فيه وبالطبع رجال الأمن.. ورغم وجود كاميرات المراقبة التي تعمل على مدار الساعة فما زالت الظاهرة موجودة ولكن باتت نسبتها أقل بكثير من الماضي.. وتتكبّد الأسواق والمحلات سنوياً خسائر كبيرة نتيجة لسرقة الزبائن العديد من البضائع خصوصاً ما صغر حجمه.. وذلك لسهولة إخفائه تحت الملابس.؟! ولكن سرعان ما تكشف أجهزة الرقابة عن بوابة الخروج عملية السرقة عندما يصيح جرس الإنذار.. ففي العقود الأخيرة تُوضع قطع مثبتة في كل قطعة ملابس أو جهاز لا يمكن فكها إلا عبر جهاز خاص بجوار «الكاشير» وحال الخروج بالقطعة أو الجهاز دون المرور بكاونتر المحاسبة الذي يزيل هذه القطعة الملصقة قبل المغادرة تعتبر مسروقة.. وكم فضيحة حصلت في متاجر لندن وباريس ونيويورك وهونج كونج لاكتشاف حالات سرقة عند بوابة الخروج.. وعندها تصبح العملية وضبطها حديث الإعلام والصحافة.. ففي أوقات الذروة والازدحام يمارس هؤلاء «الحرامية والحراميات» السرقة، وكم من مرة رصدت كاميرات المراقبة في الأسواق مثل هذه السرقات.. وكم فقد هؤلاء حقائبهن أو جوالاتهن أو حتى ساعات أيديهن.. وحرامية الأسواق عادة ما يُشكِّلون عصابة متعاونة.. فهناك من يشغلن الهدف.. وصاحب المحل وثالت يقوم بالسرقة.. وجميعنا شاهدنا عبر الواتساب أفلاماً وصوراً ترصد مثل هذه العصابات نسائية وأطفال وحتى رجال.. وفي دول الغرب حيث تُعنى بالإحصاءات والأرقام.. فلقد سجل أحد المتاجر الكبرى على الرغم من المراقبة ورجال الأمن المنتشرين داخل متاجره والمتخفّين كمتسوّقين تم اعتقال 2500 حرامي وحرامية سرقوا من محلاته خلال عام 1991م وألقت متاجر «ألكسندر» للملابس القبض على 6500 لص ويُؤخذ من تحريات مكتب التحقيقات الجنائية أن حالات السرقة من المتاجر أبلغت إلى 4836 مركز شرطة.. هذا في أمريكا.
أما في المملكة، ووفق بيانات وزارة الداخلية فقد بلغ عدد جرائم السرقة من المحلات بالمملكة خلال العام الهجري 1435هـ (4502) جريمة، بمعدل (15) جريمة لكل مائة ألف من السكان، وهو ما يعني انخفاضاً مقداره (16.6%) عن مثيله في عام 1434هـ.. وبلغت جرائم السرقة من المحلات أعلى مستوياتها في مدينة الرياض بنسبة (41.2%)، تليها محافظة جدة بنسبة (12.3%)، فالمدينة المنورة بنسبة 8.7 %، وبلغت جرائم السرقة من المحلات أعلى معدلاتها في محافظتي سكاكا والجبيل وذلك بمعدل (31.1) جريمة لكل مائة ألف نسمة من سكان كل منها. ومع أن الأسواق العامة والمتاجر الكبرى والمجمعات باتت مراقبة مراقبة دقيقة بالكاميرات بل وحتى المرايا الكبيرة التي زرعت في زوايا الأسواق لكشف حركة المتسوقين وضعاف النفوس من هواة وعشاق السرقة.. فما زالت الكاميرات والمرايا ورجال الأمن يرصدون الحرامية.. وماذا بعد هذه الظاهرة.. السرقة على اختلاف أنواعها وأشكالها إنما هي مرض حسب ما تؤكده مختلف الدراسات النفسية في العالم.. وأذكر أن الدكتور صالح بن عبد الله الدبل عضو هيئة التدريس في كلية الملك فهد الأمنية، وهو متخصص في علم الإجرام ومناهج البحث أشار في دراسة له نُشرت في إحدى الزميلات قبل عدة سنوات إلى أن أكثر المسروقات تُخفى في الجيوب بدلاً من العلب والعربات وغيرها. واتضح أيضاً أن هناك من السارقين من ذوي الوظائف الكبيرة ومن الأغنياء والأثرياء.. وفُسرت الدراسة بوجود مرض مشهور هو مرض السرقة «Kleptomania» واتضح أن أكثر عوامل السرقة ترجع إلى أمور شخصية فردية في السارقين أنفسهم وليس إلى بيئة المحل التجاري.
وجاء في دراسته أن المراهقين هم أكثر الفئات إقداماً على السرقة من المحلات التجارية، والعاطلين عن العمل هم من يحتل الصدارة في سرقات البضائع الأغلى سعراً بينما الطلاب هم أقل الفئات، وتتم السرقة بشكل فردي لنسبة 80% بينما 20% تعد سرقة جماعية لاثنين فأكثر.. وأخيراً كم هو جدير بنا أن نناقش هذه الظاهرة في برامجنا التلفزيونية والحوارية مع أصحاب الاختصاص لمزيد من التوعية والتنبيه والتحذير.. فهل نفعل.؟!