د. ناهد باشطح
فاصلة:
((النفوس الكبيرة وحدها تعرف كيف تسامح))
- جواهر نهرو -
في حالات عقوق الوالدين أو حتى ما هو أقل من هذا ولكنه يبرز التوتر بين الإنسان ووالديه، تبدو القضية أكبر من أن الأبناء طائشون أو غير مدركين لعواقب العقوق، أو مثلما اعتدنا غالبا على تفسير الأمور في سياق واحد وهو ما يظهر لنا على السطح.
الحقيقة أنه في العمق عدم قدرة الأبناء على التسامح مع الوالدين يخلق كمّاً من الغضب الكامن في الأعماق وربما يظهر في السلوكيات الحادة بين حين وآخر.
حياة الطفولة التي لا يعترف بتأثيرها البعض تحدد كثيرا من ملامح المراهقة والتي هي مرحلة خطيرة في تكوين شخصية الإنسان.
الطفولة المرتبكة والتي فيها من المواقف المؤلمة والخبرات السيئة ما لا يزال عالقا في الذاكرة حتى وإن كان لا يظهر في الذاكرة القريبة إلا أن الإنسان إذا ما اختلى بذاكرته استعرض المواقف الأليمة بمشاعر سلبية أيا كان نوعها حزن أم غضب أو إحباط.
وبصرف النظر عن تقييمنا لتدخل الآباء أو تسلطهم في حياة الأبناء وأيا كانت الحوادث الأليمة في الطفولة والتي يمكن أن تكون بسبب إهمال الآباء أو جهلهم فإنه لا يوجد حل في اجترار الماضي، إذ مهما كانت المبررات فعلى الأبناء ألا ينجرفوا إلى إعادة الخطأ أو تدويره فيسقطوا على أبنائهم معاناتهم أو أن يحمّلوا الآباء مسؤولية ماض لا يحتمل وقد كان وانتهى.
أجمل ما يمكن أن يفعله الإنسان تجاه طفولته الأليمة أن يسامح والديه أو أحدهما أيا كان دوره في هذ الألم.
والتسامح ليس سهلا لكنه راحة كبرى للإنسان ومن حوله، والتسامح ليس مجرد كلمات نرددها بل تقنيات معينة للوصول إلى القدرة على الغفران بحيث أن الذكريات والمواقف الأليمة السابقة تزورنا بدون المشاعر السلبية.
هو قرارنا بأن نعيش الحاضر أو ننغمس في الماضي بتكرار أخطائه في بناء المستقبل.