فضل بن سعد البوعينين
لا خلاف على الأهمية الأمنية والخدمية للتقنيات الإلكترونية؛ القادرة على تلبية احتياجات طالبي الخدمة؛ والجهات الأمنية في آن. تعزيز الخدمات التقنية والتوسع فيها والاعتماد عليها لتقديم الخدمات الحكومية الشاملة من أدوات التطوير المهمة التي باتت هدفا رئيسا للحكومة؛ وطلبا ملحا للمواطن والمقيم.
تلعب الخدمات التقنية دورا مهما في تكريس الأمن؛ والمتابعة والضبط والرقابة الفورية الدقيقة عوضا عما تقدمه من خدمات جليلة للمستخدمين الذين يجدون فيها علاجا فاعلاً للبيروقراطية؛ وتعزيزا للنزاهة؛ والعدالة. عوضا عما تقدمه التعاملات التقنية من خدمات جليلة للمستخدمين؛ يمكن لقاعدة البيانات الوطنية أن تشكل جهازا أمنيا خدميا موثوقا ومتوافقا مع متطلبات العصر في حال ربطها بأجهزة طرفية متقدمة قادرة على رصد المعلومة المطلوبة في وقتها وفي أي مكان. يعتمد الغرب بشكل كلي على التقنية الحديثة للكشف عن غالبية العمليات الإرهابية والجرائم والحوادث من خلال شبكات رصد منتشرة في الشوارع والمحال والمطارات؛ كما يعتمد عليها في تحديد الشخصيات المطلوبة إلكترونيا؛ وتحديد مواقعهم وتتبع تحركاتهم؛ وتمييز المركبات المطلوبة وإن تم العبث في ألوانها أو أرقامها؛ إضافة إلى تتبع التعاملات المالية وكشف جرائمها والتحقق منها. وتحقيق الأمن الشامل بأعداد بشرية محدودة؛ وكلفة أقل بات متاحًا مع وجود التقنيات الحديثة التي تجمع بين الكفاءة؛ والشمولية؛ والانضباطية؛ والمساندة البشرية العاجلة في تناغم لا يمكن تحقيقه وفق الطرق التقليدية المعتادة.
تطوَّرت الاستراتيجيات الأمنية حول العالم، وأصبحت تعتمد كثيراً على التقنية القادرة على تحقيق الكفاءة القصوى، بعيدا عن الأخطاء. التطوُّر التقني وضع بين يدي مسؤولي الأمن الخيارات المثلى في التعامل مع الحشود البشرية التي يصعب التعامل معها بدقة، وأتاح لهم القدرة على كشف الجرائم وقت حدوثها، والبحث والتقصي، وتتبع الشخصيات المطلوبة، وتحديد إحداثيات تواجدها بسهولة من خلال شاشات الكمبيوتر، وأكثر من ذلك الكشف الاستباقي عن وجود الشخصيات المطلوبة حال مرورها من أمام كاميرات المراقبة. قطعا هناك فارق كبير بين الكاميرات التقليدية التي تحتاج إلى العنصر البشري لتحليل مخرجاتها الحية والكاميرات الدقيقة المرتبطة بقاعدة بيانات متقدمة، و قادرة على قراءة البيانات والصور وتحليلها وتنبيه المراقبين عنها دون تدخل بشري، وهي الأنظمة المُكلِّفة والمحبذة لدى أجهزة الأمن الغربية.
تعمل وزارة الداخلية بكفاءة من أجل استكمال منظومتها الإلكترونية القادرة على توفير الخدمات الشاملة للمستفدين؛ وتوفير الأمن والحماية لهم؛ وربط الخدمات الحكومية بعضها ببعض؛ إضافة إلى استثمارها التقني الموجه نحو تفعيل دور مركز المعلومات الوطني ليكون القاعدة التي تتشكل عليها منظومة الأمن الإلكتروني.
برغم تخصصها الأمني؛ نجحت وزارة الداخلية في تقديم نظام إلكتروني متكامل لتقديم الخدمات المتقدمة للمستفيدين. تمكن نظام «أبشر» من تقديم الخدمات الإلكترونية الآمنة في جزء من الدقيقة للمواطنين؛ ونجح في تعزيز الثقة بالخدمات الإلكترونية من جهة؛ وخدمات وزارة الداخلية من جهة أخرى؛ إضافة إلى مساهمته الفاعلة في تعزيز النزاهة ورفع كفاءة الخدمة ودقتها.
المهندس محمد العسيري؛ المتحدث الرسمي لمركز المعلومات الوطني التابع لوزارة الداخلية أكد في تصريحات صحفية أن المركز يعمل على التوسع في خدمة الهوية الرقمية للمستفيدين من البوابة الإلكترونية للقطاعات الحكومية وتعزيز استخدامها. تشكل «الهوية الإلكترونية» مفتاح الخدمات الحكومية الإلكترونية؛ وربما كانت قاعدة مهمة للملف الوطني الموحد الذي يمكن من خلاله معرفة كل ما له علاقة بصاحب الهوية.
تطوير الخدمات الإلكترونية الحكومية الشاملة من خلال مركز المعلومات الوطني أمر غاية في الأهمية؛ خاصة من الناحية المرجعية التي يمكن أن تجمع بين تقديم الخدمة وتحقيق الأمن الشامل. تجتاز مهمة «مركز المعلومات» الجوانب الخدمية المهمة؛ إلى الجوانب التوثيقية والأمنية وكثير من الخدمات غير المحسوسة التي باتت جزء مهم من منظومة الأمن الداخلي. إنشاء الملف الإلكتروني؛ وبالتالي الهوية الإلكترونية سيسهم في دعم الرؤية البانورامية للمستفيدين؛ بما فيها التعاملات المالية؛ والتبادلات التجارية وملكية الأصول وهي بيانات مهمة توفر للجهات الأمنية؛ والعدلية المعلومات المطلوبة في وقتها؛ إضافة إلى إمكانية التحكم فيها إلكترونيا؛ ومراقبتها بما يعزز الأمن الاستباقي المرتبط بوعي المواطن والمقيم في قدرة منظومة الأمن الإلكتروني على اكتشاف المخالفين وردعهم أو تقديمهم للعدالة.
الاستثمار في التقنية لا يتوقف عند مرحلة «الهوية الوطنية»؛ بل يتعداها إلى تقنيات أمنية أخرى أكثر تعقيدًا؛ ومنها تقنيات الحروب الإلكترونية؛ وحماية الأنظمة الإلكترونية ومنها قاعدة البيانات الوطنية؛ والبحث، والمراقبة، والاعتراض والقدرة على تتبع الشبكات الإلكترونية، والسيطرة على شبكات المدفوعات والحوالات المالية، وكلها تحتاج إلى برامج متقدمة وحواسيب ذكية وعقول محترفة لتحقيق الكفاءة والنجاح. نحن في عصر التقنية بأنواعها المختلفة، وبخاصة التقنيات الأمنيَّة الحديثة. الاستثمار في الأنظمة الأمنيَّة التقنية؛ توفر بإذن الله الخدمة الكفؤة الآمنة؛ الحماية الكافية لضمان أمن الوطن؛ وتوفر الحماية اللازمة للاقتصاد؛ الذي لا يمكن أن ينمو ويزدهر في بيئة مضطربة تحفها المخاطر من كل جانب.