أ.د.عثمان بن صالح العامر
يترقب العالم هذا السباق الذي يختلف عن غيره من المنافسات التي تجري بين النظراء، سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الرياضي أو ... فهو سباق من أجل الوصول إلى كرسي رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية التي - أردنا أم لم نرد - هي المؤثر رقم واحد بعد الله سبحانه وتعالى فيما نرى من أحداث ساخنة على الساحة العالمية اليوم، ومن تحولات متلاحقة سريعة في الخارطة الدولية خاصة بالشرق الأوسط الذي نحن جزء منه.
* لقد اتخذ الساسة الأمريكان أسلوب المناظرات بين المرشحين منذ بَدْء السباق وصولاً للبيت الأبيض، ويذكر التاريخ أن أشهر مناظرة تمت قبل 155 عاماً في انتخابات 1860م بين عضو الكونغرس إبراهام لينكولن الجمهوري والسناتور ستيفن دوغلاس الديموقراطي، تحدث أولاً دوغلاس المؤيد لتجارة السود وأثار حماس المستمعين بأسئلة مثل: «هل تقبلون مساواة مواطن زنجي بكم؟» وهتف بعض المستمعين: لا. «هل تريدون زنجيًّا يملك مزارع مثل مزارعكم، وثروة مثل ثرواتكم؟» وهتفوا: لا.
لم يكن هذا رأي لينكولن الذي أعاد عليهم بنود الحرية والمساواة في إعلان الاستقلال والدستور. وسألهم: «ألم يخلق الله الناس متساوين؟» فهتف بعضهم: بلى. فعاد عليهم: «لماذا إذًا لا نلتزم بالدستور وحقوق الإنسان؟» فهتفوا: «نقدر على ذلك» هنا نجح لينكولن في الفوز برئاسة الجمهورية حين أعلن قانون تحرير العبيد.
* الغريب أن هذا السباق من خلال هذه المناظرات لا يخلو من فضائح من العيار الثقيل، ونشر كل مرشح لغسيل الآخر، والقدح والتعريض بالشخص المنافس، خاصة عند انعقاد المناظرات بينهما التي تحتضنها الجامعات الأمريكية.
* المنطق يقول إن من المفترض أن يكون المرشحون أفضل اثنين في المعترك السياسي الأمريكي - إن نحن أحسنّا الظن بالديمقراطية الغربية - وأنهما لم يصلا إلى هذه المرحلة المتقدمة من السباق إلا بعد فحص وتدقيق وفرز وتمحيص على مستوى العمل المؤسسي والانتماء الوطني والتمثيل الحزبي والسلوك الشخصي حتى ولو كان هذا التمحيص الذي أتحدث عنه تم على يد القيادات الحزبية التي يهمها نجاح الحزب وسلامة سجل مرشحيه وصدق انتمائه وحقيقة ولائه للولايات المتحدة الأمريكية.
* أستغرب شخصياً أن تظهر على المرشحين هذه الفضائح التي قد يترفع عنها أبسط المواطنين الأمريكان حياة وأضعفهم انتماءً، فكيف بمن يتوق لكرسي الرئاسة، ولعل أبرزها على الإطلاق التهرب من الضرائب الذي يعدّ جريمة يعاقب عليها القانون الأمريكي، خلاف ما قيل عن ترامب وعلاقاته الجنسية، ونظرته للمرأة، وتهجمه على الشعوب الإسلامية بطريقة فجّة لا تقبل من رجل عادي، فكيف برجل سياسي اختاره الحزب الجمهوري ليمثله في هذا السباق الساخن.
وآخر صياحات ترامب اتهامه كلنتون بأنها تتعاطى منشطات ولابد من فحص طبي لها قبل المناظرة الثالثة والأخيرة المرتقبة في غضون الأيام القليلة القادمة.
* أحياناً يساورني الشك في نزاهة هذا السباق، وينتابني شعور قوي بأن ما نراه نحن عبر القنوات الإعلامية هو مجرد مسرحية كبرى لها جمهورها المختار بعناية من قبل، وأن الأمور محسومة بالأرقام، سواء من خلال شراء الأصوات عن طريق الحزب أو التأثير غير المباشر من قبل اللوبيات العنصرية المستوطنة في عدد من ولايات أمريكا، وما نشاهده ونتابعه هو مجرد فصول تمثّل على خشبة المسرح، وليست هي أهم مما هو حادث ويحدث خلف الكواليس.
* عموماً لم يبق على السباق للبيت الأبيض إلا أيام معدودة.. ترى من سيفوز.. المنطق يقول إن الأقرب هي «هيلاري كلينتون»، ولكن الكلمة الأخيرة - مع كل ما قيل ويقال - هي في الظاهر لمن يملك حق التصويت في الولايات المتحدة الأمريكية، فاللهم اجعله خيراً للإسلام والمسلمين، وإلى لقاء والسلام.