د. ناهد باشطح
فاصلة:
((التعليم الذي لا يدخل سوى العينين والأذنين يشبه وجبة طعام في المنام))
- حكمة صينية -
منذ أن صدرت جريدة «الحجاز» الرسمية في مكة سنة 1326هـ (أواخر سنة 1908)، ثم صدرت في الرياض مجلة «اليمامة» سنة 1372هـ (1953) إلى يومنا هذا ونحن عبر عقود طويلة لم ننتج الصحافي المتخصص.
لقد مررنا في تاريخنا بمنعطفات مهمة مثلنا مثل أي مجتمع ينشد التغيير ويمر بتحديات الحراك الاجتماعي.
وحين آمنت المؤسسات بأهمية التخصص في مجالات كالسياسة والاقتصاد مثلاً فإنها لم تؤهل الصحفي لهذا الدور بل أعطته إلى الكتّاب حتى تضخمت الصحف لدينا بالكتّاب المتخصصين في الاقتصاد والسياسة والرياضة والثقافة باستثناء تخصص النسوية التي لم تهتم به الصحف، ولا يوجد الصحفي المتخصص في النسوية مع أن ملف المرأة في مجتمعنا شائك ويحتاج إلى الصحفي المتخصص للتعاطي معه باحترافية.
نحن نحتاج إلى الصحفي المتخصص حتى نكسب ثقة القارئ أولاً وحتى يكون لدى الصحفي الثقة في طرحه وأنه ينبثق من أسس علمية ومعلومات صحيحة والتالي يستطيع المساهمة في تشكيل الاتجاهات المجتمعية تجاه ما يطرح من قضايا.
الخبراء في مجالاتهم يلتقطون جهل الصحفي غير المتخصص في إيراد معلومات غير دقيقة في مجالهم العلمي، أما القراء فقد يخضعون إلى عملية خطيرة في استقبال المعلومات الخاطئة في زمن تدفق المعلومات!!
نحن بحاجة اليوم إلى الصحفي المتخصص الذي يركز في تخصص بعينه فيثري مرجعيته ومن هنا فإن دور المؤسسات الصحفية أن تختار من بين منسوبيها من لديه الاستعداد حتى يخضع للتأهيل والتدريب في تخصص بعينه.
إن الصحافة المتخصصة وإن كانت وما زالت تعاني من ضعف التكوين والتأثير في المنطقة العربية، إلا أن هذا ليس مبررًا لغيابها لدينا إِذ إننا نملك القدرات والكوادر على أن نخلق أنموذجًا مختلفًا وصحافة متطورة.
أعرف أني متفائلة فالواقع يشهد ضعفًا لممارسة الصحفيين إنما لأجل المجتمع من المهم أن نتحرك حيث إن الصحفي يمتد تأثير أدائه إلى المجتمع حيث لا يمكن لصحافة ضعيفة أن تسهم في تطور مجالات المجتمع وإحداث التنوير المناسب.
لا بد من الاهتمام بالكوادر... لا بد من تأهيل الصحفيين للتخصص لقد انتهى زمن أن يكون الصحفي قادرًا على تغطية الظواهر المختلفة دون أن يكون صحفيًا متخصصًا في المجال ذاته.
وعلى الكليات وأقسام الإعلام في الجامعات أن تهتم بالتدريب على تخصصات معينة في العام الأخير من دراسة الصحفي لكي تسهم في بناء الصحفي المتخصص.
إننا بحاجة إلى إعادة بناء الصحفي السعودي المؤهل والمتخصص في مجال محدد يمكنه أن يتطور من خلاله وينتج مواد تحريرية مميزة وعميقة تبني له في ذهنية المجتمع صورة مهيبة.