إعداد - وحدة الأبحاث والتقارير الاقتصادية بـ«الجزيرة»:
أعلنت الهيئة العامة للإحصاء مؤخراً، عن تقرير تفصيلي حول مسح القوى العاملة للسعوديين وغير السعوديين للربع الثاني من عام 2016.. حيث وصل عدد الباحثين عن عمل من السعوديين إلى 657.9 ألف فرد، منهم 236.2 ألفاً من الذكور، وحوالي 421.8 ألفاً من الإناث.. ويوضح التقرير، أن بطالة الإناث تصل إلى 33.7 %، مقابل نسبة 5.4 % للذكور.. والمتابع لمعدلات البطالة بالمملكة منذ خمس سنوات، يلحظ تحسناً كبيراً في بطالة الذكور واستمرار الارتفاع في بطالة الإناث، والمتتبع يلحظ أن النسبة الغالبة منهن من حملة الدرجة الجامعية حيث يصل عددهن حوالي 296 ألف عاطلة.
وتحتاج بطالة الإناث إلى حلول خاصة أبرزها العمل أو الاستثمار من المنزل، ويطلق لفظ الاستثمار من المنزل على صاحبات المشروعات المنزلية الصغيرة أو المتناهية الصغر أو الإنتاج المنزلي اللاتي يعملن على شكل فرادى أو جماعات في حرفة أو مهنة واحدة أو مجموعات متقاربة من الحرف، وغالباً ما تكون المستثمرات من المنزل رائدات أعمال أو من أصحاب المؤهلات العلمية الذين لم يجدوا فرص وظيفية مناسبة لهم.
ورغم أن الاستثمار من المنزل قد يكون مشروعاً صغيراً أو متناهي الصغر، إلا إنه يجب الاعتراف أن إقبال الفتيات الجامعيات على المشروعات متناهية الصغر يعتبر ضئيلاً، وربما يحتاج التركيز على المشروعات الصغيرة ذات رؤوس الأموال بقيم هامة ومرضية نسبياً، مثل 50 ألف ريال فأعلى، فالمشروعات المتناهية أو التي تسمى مجازاً المشروعات الأصغر غالباً لا تمثل أهمية ولا تقبلها الفتيات وخاصة الجامعيات منهن.
والتجارب العالمية أثبتت أن العمل من المنزل هو شكل استثماري لا يرتبط بالنساء فقط، كما أنه لا يرتبط بالأسر المنتجة كما يشاع ولا يرتبط أيضاً بالمشروعات الصغيرة فقط، إنما هو استثمار للرجال والنساء في العديد من الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية، وهو استثمار في الأنشطة الهامة وليس الصغيرة فقط، وهذا الاستثمار متغلغل في مئات الأنشطة الهامة، مثل البناء والنقل، والاتصالات، والمرافق العامة، وتمتد إلى تنفيذ مهام عمل رئيسية، مثل النجارة، تصليح المعدات والمنشآت في مواقع العملاء خارج المنزل, ويمكن إدارتها من المنزل.
برنامج بولا البرازيلي الأنجح عالميا
من أنجح البرامج للعمل من المنزل على المستوى الدولي هو برنامج «لولا» البرازيلي الذي بدأ منذ منتصف التسعينيات.. فقد وصل إجمالي الإنفاق على هذا البرنامج إلى 0.5 % من إجمالي الناتج المحلى بتكلفة تقدر بين 6 إلى 9 مليارات دولار.. ويقوم البرنامج على فلسفة إعطاء معونات مالية للأسر الفقيرة التي يقل مستوى دخلها عن 28 دولاراً شهرياً.. وقد تم ربط هذه المعونات بشروط صارمة تشمل التزام الأسرة بإرسال أطفالها للتعليم والالتزام بالحصول على الأمصال واللقاحات للأطفال بشكل منتظم. وبعد التأكد من التزام الأسرة بالشروط السابقة، تحصل الأسرة على دعم بمتوسط يبلغ تقريبا 87 دولاراً شهرياً وهو ما يعادل 40 % من الحد الأدنى للأجر في البلاد، وتصرف الإعانة عن كل طفل بحد أقصى ثلاثة أطفال، كما تصرف هذه الإعانات للأم بهدف ضمان صرفها لتحسين ظروف الأطفال والأسرة.
وقد جاءت إنجازات هذا البرنامج باهرة خلال العقد الماضي، حيث وصل عدد المستفيدين منه إلى نحو 11 مليون أسرة، وهو ما يعنى 64 مليون شخص مستفيد، بما يعادل حوالي 33 % من الشعب البرازيلي.
برنامج سعودي لتشغيل الجامعيات
يمكن الاستفادة من البرنامج البرازيلي في بناء برنامج محلي للعمل من المنزل للإناث السعوديات، ويمكن استعراض نحو (15) نشاطاً قابلاً للتنفيذ كاستثمار من المنزل كما يتضح من جدول (1)، حيث أنها تمثل أنشطة تشعر الفتاة بأهميتها، وأنه مشروع يمكن أن يغنيها عن طلب وظيفة في القطاعين الحكومي أو الخاص، كما أنه يمكن أن يتيح لها الدخل المناسب أو المتنامي لكي تنفق على نفسها أو أسرتها مستقبلاً.
وتتمثل الأنشطة الممكن تنفيذها كاستثمار من المنزل في: تصنيع الملابس الجاهزة والخياطة والتطريز، إنتاج وتعبئة العطور، إنتاج وتسويق المشغولا ت الحرفية واليدوية والاكسسوارات، تصميم وتنفيذ المفارش بكافة أنواعها، تصميم وتنفيذ الستائر، تجميل وزخرفة الأواني، تجميل النساء، تصنيع وتعبئة البخور، تسويق العقارات من المنزل، تصاميم مواقع الإنترنت.
تقديم الاستشارات بكافة أنواعها. (12)، خدمات الطباعة والتغليف،خدمات الترجمة، والتصميم بواسطة الحاسب الآلي (الجرافيك).
ويمكن تحديد أهم التسهيلات والمساعدات التي تحتاجها الفتاة لإطلاق مشروع خاص بها من المنزل بشكل نموذجي في: التمويل، وهو أهم عائق لأن ليس كل الفتيات لديهن رأسمال كافي لتنفيذ مشروع خاص، التسجيل القانوني (يحتجن مساعدة في تسهيل انجاز الإجراءات القانونية) التدريب (يحتجن إلى برامج تدريبية على النشاط الذي غالبا ما يكون جديدا عليهن)، تطوير المنتجات (يحتاج إلى احتضان أحد الجهات الرسمية لتسهيل تطوير منتجهن)، التسويق (من أهم المعوقات لأن المنتجات الجديدة للفتيات لن يكون في مقدورها التنافس في السوق إلا بعد فترات زمنية، لذلك، ويحتاج إلى مساندة تسويقية). وتعتقد وحدة الأبحاث بـ«الجزيرة» أن تقديم هذه المساعدات الخمسة قد تكون السبيل الوحيد لأن يكون العمل من المنزل حلا لبطالة الإناث في المملكة في الوقت الراهن.