علي الصراف
هل يمكن أن تكون هناك لأي أحد في الدنيا مشكلة شخصية مع دولة؟
نعم، يمكن.
وفي الواقع، فلست أشك على الإطلاق، بأن هذه المشكلة من الأهمية والخطورة بمكان، بحيث أنها «مشكلة شخصية» لكل واحد منا.
عندما تتحول حياة ملايين البشر إلى جحيم بسبب سياسات المشروع الطائفي الفارسي، فإن أحداً لا يستطيع أن ينكر، لا في العراق ولا في سوريا ولا في اليمن ولا في لبنان ولا في البحرين ولا في أي مكان آخر، إن حياته تتعرض لخطر مباشر.
وعندما تتحول أعمال المليشيات التي ترعاها سلطة «الولي اللافقيه» إلى نوع من الجريمة المنظمة التي تطال كل وجه من وجوه الحياة، وتسعى إلى زعزعة الاستقرار في كل مكان، فلسوف يرى كل إنسان أن النيران تقترب من بيته ومن ثوبه.
وعندما يصبح القتل والنهب والفساد مشاعاً، ومبرراً على أسس مذهبية، فإن كل إنسان لا بد وأن يشعر أنه يقف أمام خيارين لا ثالث لهما: إما أن يستسلم ليكون «الضحية المقبلة»، وإما أن يقف ليقاتل هذا السرطان الخبيث.
لا تستطيع أن تهنأ بحياتك، إذا تعرض جارك للقتل.
لا تستطيع أن تأمن على سقف بيتك، إذا تشرد الملايين من حولك.
لا تستطيع أن تؤدي عملك، إذا كان اللصوص سوف يعترضون الطريق.
لا تستطيع أن تأخذ أطفالك إلى المدرسة، إذا كانوا سوف يتعرضون للخطف.
ولا تستطيع أن تعيش كباقي خلق الله إذا كان هناك من يعاملك على أساس لا علاقة له بالقانون.
وهذه بالأحرى مشاكل شخصية. وهي تحصل كل يوم، مع كل شخص، ويعاني منها عشرات الملايين من البشر، أمام أعين الجميع.
إنها «الخبر» الذي يصدمنا بنتائجه المروعة كل يوم. وكل منا إنما يدفع الثمن مباشرة.
إنها نمط جديد من «الحياة» يجعلك تنشغل بما لم يكن في حسبانك، حيث تصبح أعمال الجريمة المنظمة تهديدا لكل شيء، وخطرا يلاحق أو يتوعد كل شخص.
لا توجد مشكلة في أن تتصرف إيران كدولة. على العكس تماما. فلو كان إيران دولة، لكان من الطبيعي أن تحترم مصالحها وتنظر في مصالح الدول الأخرى. ولسوف تجد نفسها مضطرة إلى الالتزام بالقواعد والضوابط التي تحكم العلاقات بين الدول.
أما أن تتصرف إيران كنظام مليشيات، أو كمنظمة سياسية، أو كمشروع طائفي، فالأمر مختلف تماما. القواعد الدولية سوف تختفي وتحل محلها أعمال لا يضبطها ضابط. وهي على وجه الخصوص، أعمال تنتسب حصرا إلى عالم الجريمة المنظمة.
الفوضى والخراب والفشل العام هي من النتائج الحتمية لتفشي الجريمة المنظمة. بل أن التجربة العملية تدلنا على أن النظام المليشياوي الموازي الذي أقامته سلطة الولي اللافقيه في العراق وسوريا ولبنان، وتسعى إلى مده إلى كل مكان، إنما يشكل تحديا لكل سقف (من سقف الدولة والقانون، إلى سقف احترام البشر لمجرد كونهم بشرا، إلى سقف المنزل).
إنه تحد شخصي لكل إنسان يرى في ذلك السقف ستراً له ولأسرته.
نعم، لدي مشكلة مع إيران، لأنها منظمة إرهاب وقتل وتصفيات دموية وعمليات نهب ونصب وفساد، تُمارس على أعلى مستوى من مستويات النفاق والدجل، وتُغطى بأقذر ما يمكن للتغطيات أن تكون. وهي تستخدم كل مقدس لديك من أجل أن تدنسه لك (على امتداد كل المسافة من الدين، إلى المذاهب، إلى القضية الفلسطينية). فتحوله إلى مصدر للتمزق والتنازع والتناحر الداخلي.
هذا السرطان إنما يهدد بالتشوه كل شيء.
لا أنا ولا جاري يمكننا أن نرى الحياة كما كان يجب أن نراها، ولا أن نعيشها كما كان يمكن أن نعيشها، بسبب تفشيه الخبيث.