د. عبدالواحد الحميد
حتى يوم الثلاثاء الماضي كانت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم قد أعلنت عن فوز تسعة أشخاص بجائزة نوبل في الطب والفيزياء والكيمياء والاقتصاد. ومن الملاحظ أن الفائزين التسعة لا يوجد بينهم أي شخص من مواليد الولايات المتحدة، لكن ستةً منهم يعملون في جامعات أمريكية. وبذلك فقد تم تجيير هذا الفوز لأمريكا وللجامعات الأمريكية!
ومن حق أمريكا والجامعات الأمريكية ان تفاخر بهذا الفوز وليس البلدان التي ولِدوا فيها، لأن الجامعات الأمريكية وسياسات الولايات المتحدة في استقطاب العلماء المميزين ومنحهم الجنسية الأمريكية والكثير من الإغراءات الأخرى هي التي صنعت النجاح والبروز لهؤلاء الأشخاص، وربما لو بقي كل واحد منهم في وطنه الأصلي الذي ولد فيه لم يكن ليتحقق له الفوز بجائزة نوبل.
الجامعات الأمريكية تقدم كل الإغراءات التي يحلم بها الطالب المتميز والعالم المتميز، وسياسات الهجرة الأمريكية تعطي أولوية لاستقطاب أصحاب العقول النيرة المتوهجة والنوابغ من الرجال والنساء بصرف النظر عن اعتبارات الجنس والجنسية والدين والمذهب ومكان المولد.
هذه السياسة التي تسببت في هجرة المتميزين من البلدان المتخلفة بل وحتى من بعض البلدان المتقدمة يسمونها «نزيف العقول». فالبلد الأصلي للمهاجر صرفت عليه أموالاً طائلة حين كان يتلقى التعليم فيها، وبعض تلك البلدان لا تملك إلا القليل من الموارد المالية التي تذهب في هذه الحالة هدراً لأن امريكا هي التي تقطف الثمرة.
وقد أسهمت العقول المهاجرة التي استقرت في امريكا في نهضة ذلك البلد، ويمكن استعراض الكثير جداً من أسماء العلماء والمبدعين الذي هاجروا من بلدان عربية وإسلامية ونجحوا في امريكا وصاروا من المشاهير، ولو انهم لم يهاجروا لانضموا إلى صفوف العاطلين أو عملوا في وظائف لا علاقة لها بتخصصاتهم أو مارسوا تخصصاتهم في بيئة عمل بائسة لا تشجع على الإبداع والتفوق.
بهذا الفهم المنفتح العميق لمعنى التفوق، استطاعت الولايات المتحدة أن تكون في مقدمة الصفوف، وكما نرى فإن أغلبية الفائزين بجائزة نوبل في معظم المواسم هم من حملة الجنسية الأمريكية، وبعدما يفوزون تتذكرهم بلدانهم الأصلية وتقدم لهم الأوسمة والجوائز وتعترف بشرعية عبقرياتهم!!