حميد بن عوض العنزي
ثقافة الادخار وتنظيم المصروفات وترتيب الأولويات لا تزال غائبة عن معظم الأسر، وهو ما يرفع درجة التأثير السلبي على ميزانية الأسرة مع أي تغيرات تطال مصدر رزقها، ومن مشاهد ذلك استمرار مظاهر البذخ والإسراف التي تتم تحت مسمى الكرم وهي في الحقيقة ليست من الكرم إنما من الإسراف والرياء الذي ابتلي به عدد كثير من الناس.
مع حالات التقشف التي تنتهجها الدولة في ظروف معينة عادة ما تسجل المؤشرات انخفاضا في معظم القطاعات نتيجة ضبط مصروفات الأسرة، وكل ما نتمناه أن تساهم التعديلات الأخيرة كذلك في هبوط سهم «المهايط» الذي يبدو إنه مرتبط ارتباطاً نفسياً في مؤشرات كثيرة أدت إلى تحوله الى فيروس ينتقل بين فئات ليست قليلة من المجتمع وكانت إفرازاً لبعض الآثار السلبية لمسابقات مزاين الإبل ومشاهد رفع بقايا الطعام بالجرافات، وهو ما أدى إلى انتشار أنواع وأشكال ومزايدات عديدة ومتضخمة من تلك الحالات غير السوية.
العجيب حتى عقلاء بعض الأقوام لم يستطيعوا مواجهة تلك الظواهر التي تبعث الأسى في كثير من مشاهد الإسراف المؤلمة، ولحق بها أيضاً نوع آخر تمثل في تعاظم الديات إلى عشرات الملايين وتحشيد الناس لها بالشيلات والنخوات التي هي الأخرى فيها مبالغات، وأحياناً منافسات مشوهة، لها تأثير على كل المستويات سواء في كثرة جرائم القتل واستسهال ازهاق الارواح، فقد يرى بعض المراهقين أن ذلك مرجلة، وأن خلفه من سيدفع الملايين، او من حيث خلق خلافات اجتماعية تصبح وبالا على الاسرة والمجتمع.
إن محاربة ومعالجة هذا الفيروس يكون بالوعي من داخل المجتمعات، ويفترض أن الشباب المتعلم والواعي يكون له دور توعوي ولا ينساق خلف ثقافة القطيع، وأن يسمو بعلمه ووعيه فوق تلك الصور والتصرفات التي للأسف بدأت تتزايد في مجتمعاتنا بشكل مقلق، وتأخذ أشكالاً متعددة لم تسلم منها وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت إحدى وسائل تغذية «المهايط»، وعلى الشباب ان يكون أكثر وعيا ولا يكون دوره في تلك «المسرحيات» هو قرع الطبول ومجاراة مظاهر التفاخر الكاذبة، وانما تصويب المسار الى الجادة الصحيحة والارتقاء بمفهوم التعاون على البر الى منازله الحقيقية التي حثنا عليها الدين الحنيف دون مبالغة ودون تكريسه في خدمة التخلف والتعصب.