رمضان جريدي العنزي
مما لا شك فيه أننا نقف اليوم على أعتاب المراحل التعبوية الخطيرة لمراحل العبث الإيراني، الذي وصل حد الجنون الذي لا يطاق، لقد انتهكت إيران حرمة البلدان العربية، ودأبت على ممارسة تدخلاتها السافرة في الشأن العربي، ومازالت تغدق الأموال الطائلة لإذكاء نيران الفتنة والاقتتال والاحتراب بين أبنائه، من دون مبالاة للقوانين والأعراف الدولية، ومن دون مراعاة للمبادئ الإنسانية والقيم الأخلاقية، لقد استخدمت إيران كل أدوار الشر، ومباضع السوء، لجعل المنطقة العربية موبوءة بالأمراض والفتن، ووحدت جهودها مع ربائبها وأتباعها في التخريب والتكسير والإبادة والعربدة. إيران هي الوعاء الذي يحوي السم الزعاف، والبوق الذي تخصص في فبركة الأخبار والبرامج الموجهة لتفكيك البلدان العربية وتمزيقها وتشريد شعوبها، من خلال استدراج المنافقين والعاطلين والدجالين وعباد المال والسماح لهم بالتهجم على البلدان والحكومات العربية، إيران تريد أن تحول الأرض العربية إلى ساحة للفوضى والدم والخلل والزلل، لقد أنشأت إيران لهذه الأغراض الدنيئة مئات الفضائيات، وعشرات المكاتب، وآلاف العدسات، إيران تصور الأوضاع من زاوية واحدة، وتصور الأحداث بعين واحدة، تلتقط المشاهد البعيدة، لكنها لا ترى ما يجري في داخلها من هم وغم وفقر وجهل وأمية وخرافة وشعوذة ودجل وطقوس لا يصدقها العقل ولا المنطق. إن لإيران أهداف مريبة، وأعمال عابثة، وحملات مسعورة، لقد انزلقت في حملات التضليل والتلفيق والتخريب، حتى تحولت إلى معاول وبلدوزرات هدامة تسعى لتفكيك الوطن العربي كله، وتجزئته وتقسيمه إلى أقاليم صغيرة ودويلات ضعيفة متهالكة. إن هذا التصرف الإيراني المتعمد ينضم إلى المشروع الاستعماري الذي صممه الدجال العجوز (برنارد لويس)، والذي يهدف إلى تقطيع أوصال البلاد العربية ونهب ثرواتها. إن من يراقب إيران ويتابع أعمالها العبثية ويرصد تحاملها على البلدان العربية، وعلى كل ما هو مستقر في الشرق الأوسط، يحس أنه يراقب جمهورية شريرة، مسخرة ثرواتها وأموالها بالكامل لتشتيت فكر المواطن العربي، وتضليله بالأخبار الكاذبة، وتجهيله، وتحريضه على الفوضى والتمرد والانفلات الأمني، وصولا إلى زعزعة استقرار البلدان العربية كلها، والعبث بأمنها واستقرارها ووحدتها. إن شهيق إيران أكثر فداحة من زفيرها، وتركيبتها السياسية معقدة، وأمراضها الطائفية موروثة ومكتسبة، لها خدع وانتهازيات منذ زمن بيد، وتمارس أبشع أنواع وأساليب التضليل والخداع والتدخل في شؤون الآخرين، وتسوق بقوة لفكر أحادي متطرف، وترسم لنفسها صور فذة وماجدة ونادرة، وتنشر شعارات منتقاة وبراقة، إيران تجيد صناعة القيود، وتتظاهر بتحطيم القيود، أوضاعها متأرجحة، ولها تباين في السياسة وفي المواقف وفي التعامل، إيران تمشي على صراط دقيق ملغوم بالأحقاد السياسية والعقائدية والعرقية والطائفية، لها أزمات كثيرة، ولا تدري كيف تضع أقدامها على طريق المستقبل في ظل تنافراتها الحادة، إيران تخوض في الآونة الراهنة معارك سياسية خانقة ولها تشعبات خطيرة، فكرها جامد مثل بوابة خرسانية، والسبب الأساسي أنها عجزت عن فهم الأدوار والمؤثرات والشؤون العالمية. إيران لم تدرك بعد أن التغيرات العالمية ينبغي أن تكون في الحقائق والوقائع، وليست في البهت والخداع والمصائب، بمعنى يجب على إيران وبنيانها ومؤسساتها وأفكارها أن تتغير نحو الأفضل والأحدث والحاصل والمعقول، وليس مجرد دعاية تغيير لكن في واقعها تعيش في دهاليز الظلام وجحور العتمة، إن بريق التسلط والهيمنة، هو الذي هيمن على عقلها والذي سوف يقودها في النهاية نحو منزلقات التشرد والتفكك والضياع، تحت تأثير مغريات التمدد وغواية الاستعمار والاستحواذ، لقد تصورت إيران الرؤى بهذا الشكل، فانحرفت مسارات مفاهيمها الخاطئة نحو مستنقعات التخبط، من هنا لابد لإيران البحث من جديد عن قواعد سياسية مبنية على الشفافية والمصداقية والوضوح، بعيداً عن الخداع والتقية والتلون، لضبط التوازنات في ممارسة أعمالها السياسية وتعاملاتها الدولية، وصيانة نفسها من الانحرافات المزاجية، التي ستضعها في صراع عقيم مع كل دول العالم أجمع. إن سياسة الشد والجذب والعناد والغموض والعقد الطائفية والفتن التي تمارسها إيران حالياً، قد تنفجر في وجهها بقوة هائلة في أي لحظة، ولن تنفعها حينها الأقنعة المزيفة، ولا الأغطية السميكة، لأن زمن الرواج لهذه العبثيات، قصير وهجين ولن يؤدي مطلقاً لهدف معين أو غرض أو نتيجة أو مراد أو مبتغى.