محمد جبر الحربي
1.
كنتُ أضُمُّ جِيادَ الشِّعْرِ
فيَنْفِرُ مِنْ كَفَّيَّ جَوادْ
كانَ جنُوبِيَّ الطَّلْعَةِ
عَبْسِيَّ التَّوْقِ
لهُ الصَّحراءُ ومَا مَلَكَتْ
وجِبَالُ الضَّادْ.
2.
طَلَبَتْ مِداداً
جَفَّ مَاءُ البَحْرِ
صَرْخَتُها اسْتَحَالتْ نَبْتةً في غُرَّة الصَّحراءْ
دَمْعتُها اسْتَحَالتْ قَطْرةً
(الغَيثُ في الصَّحراءِ لا يَأتِي
إذا تَعِبَتْ أكُفُّ الرِّيحِ وانْهَزمَ الجَوادْ).
3.
والجِيَادُ عـلى طَرفِ الضَّادِ
والضَّادُ في ضَجَّةِ الحَضْرِ
فـِي ضَجَرِ البَدْوِ مُسْتَسْلمينَ، وقُوفاً على غيْرِ بَابْ.
واتِّسِاعٌ على ضِيقِ ما يَتَجَلَّى
وَأنْتَ على وَحْشَةٍ تَتَملَّى
فكيفَ على وحْشَةٍ
سَوْفَ تَبدأُ يا سَيِّدَ العَاشقينَ الكِتابْ..؟
4.
لنَا الخَيْلُ أعْرَافُها وَالصَّهيلُ
إذَا مَا ادْلَهَمَّ بِنَا ليْلُنَا.
وكنَّا نَنامُ على طَرَفِ الرَّمْلِ أوْجَعَنا رمْلُنا.
وكنَّا على الرَّملِ نَرسُمُ بَيْتاً
ودَرْبَاً وَحيداً
وفِي الظِّلِّ
نَرسُمُ ظِلَّا لأحْلامِنا
وكنَّا نَمُرُّ،
وكانتْ شِمَالِيةً إذُ تَمُرُّ
فَتَمْحُو أصَابِعَنَا
لنُفِيقَ على مَنْزِلٍ فِي الهَواءِ لنَا.
5.
وأنتِ الضُّحى والظِّلالْ؟!
وأنتِ اكتمالُ الظَّهيرةِ
والعَصْرُ حتَّى الرَّحيلْ.
لكِ الصَّافناتُ يُصَلِّين لله حتَّى الزَّوالْ.
لهنَّ حَنَانُ سليمانَ يَحْمِلْنَنا للأصيلْ.
وأنتِ الجَمَالُ البدِيلُ لهذا الذُّبولْ.
وأنتِ استماعي لروحي
وأنتِ المَقَامْ.
وأنتِ معَ الفَجرِ بَوْحُ الشُّجيراتِ عَطْفَاً على الياسمينْ.
6.
خُذِي بيَدِيْ
فالجيادُ أضاعتْ بنيها
وما ظلَّ مِنْ فارسٍ يحتويها
وصرتُ وحيداً
أنا الجمْعُ أصبحتُ وحْدِي
فكيف أنا الجمعُ أصبحتُ وحدي؟!
7.
اتَّكأتُ على القلبِ
عاتَبَني القلبُ: ماذا تُرِيدْ..؟!
قلتُ: بعضَ الهَديلِ
وبعضَ الصَّهيلِ
وبعضَ النَّشيدْ.
واحتفاءُ المدى
كلُّ قلبٍ شدا
بالنَّدى والخلافةِ
والأرضَ نعْمُرُهَا
سامقينَ بها كالشَّجرْ
نحنُ منها السَّحابُ
ونحنُ المَطَرْ..
نحنُ حُلْمُ البَرِيَّةِ
خيرُ البرِيَّةِ
نحنُ الخلافةُ
دارُ الخلافةِ
كيفَ بنا إذْ أرادوا لنا
أنْ نكونَ العَبِيدْ..!
8.
إنْ شِئتَ أسْرَجْتُ الجَوادَ مُطاوِلاً
أوْ شِئتَ أطلَقْتُ الجِيادَ تَيَمُّنَا
المانِحاتِ لكلِّ بارقةٍ سَنَا
المُغْدِقَاتِ بِفَيضِهِنَّ على الدُّنَى
المُردِفَاتِ لكَ الرَّبيعَ منَ اللَّظَى
المُبْلِغَاتِكَ للعَزيزِ منَ المُنَى
المُقْبِلاتِ إذا الكَرِيهَةُ أقْبَلَتْ
المُدْبِرَاتِ لِكَرَّةٍ بينَ القَنَا
المُدْنِيَاتِ لكَ الشَّوامِخَ مِنْ عَـلٍ
الرَّاويَاتِ الشِّعْرَ أنَّكَ مِنْ هُنَا