د. ابراهيم بن عبدالرحمن التركي
** من يزور «أشيقر» ولا يلتقي بأبي العرب - كما يسميه عارفوه - فرحلته لم تتم؛ إذ هو التأريخُ الثقافي والمرجع النسبيُّ والشاعر الغرد والمتحدث الممتلئ والوفي الحفي الذي تستوعب ذاكرةُ قلبه كلَّ أحبابه ولو نسُوه أو تناسوه.
** يؤلمه أن يرى مجلسه اليومي خاليًا ممن يمرون أمام بيته ولا يعوجون عليه، لكنه يجد لهم عذرًا فليس من ذوي الثراء ليضيعوا وقتهم عنده ،ونثق أنهم المحرومون من جمال روحه وجلال عقله وإضافات خبرته التي كان يمكن أن تُحرض أذهانهم ومشاعرهم،وتمنيناه قريبًا ليكون مجلسه غبوقنا «المغربي» المضيء، وهيهات؛ فعشق أشيقر يملك كلَّ أحاسيسه بالرغم من أنه أقام في الرياض معظم عمره.
** أسمى ديوانه الوحيد حتى الآن: «أشيقر والسفر»، وحين زار صاحبُكم «أغمات» وجد قصيدة له عن المعتمد بن عباد تتصدر المُتحف الملحق بضريحه معنونةً «رسالة إلى ملك أشبيلية»، كما له نصوص ودراسات خاطب أو عارض فيها شعراء كبارًا كمروان بن أبي حفصة والمتنبي وشوقي وأبي ريشة ونزار.
** الأستاذ إسماعيل بن إبراهيم السماعيل قارئٌ نهمٌ يختصر مُجالسُه مسافاتٍ حين يستوقفه تعليق على كاتبٍ أو كتاب فيُقبل عليهما أو ينصرف عنهما أو يجادله حولهما مطمئنًا إلى أن أحكامه نتاج معرفة يتسع للاختلاف، وليس أجمل من أن يحكي عن المخطوطات التي لا يكاد يخلو منها منزل في موريتانيا، ونصه المعلق في الشجرة بين تونس الجزائر، و تجاربه المتعثرة مع الرقابة،ورأيه في بعض الرموز،ودور المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم القاصر في قضايا التعريب، ومعاناته في عمله بوزارة التربية وتفضيله وظيفة «مستشار» على وظيفة تنفيذية عليا حين اصطدم بمسؤولها ورَفضَ دخول مكتبه أعوامًا، واعتذاره عن «الترشح والترشيح» للمجلس البلدي ونصه «البيرمي» حولها، وعدم رضاه عن ربط الأندية الأدبية بتوجهاتٍ بيروقراطية،ومعضلات التأريخ الشفهي وسواها.
** أبو العرب ذو ذاكرة نادرة وأسلوب قصٍ مشوق،وحين يحكي يصغي الجميع بمتعة، كما هو عاشق للسفر،ولم تثنه الوعكة الصحية التي نجا منها بلطف الله عن مواصلة الترحال والعطاء،وليته يكتب ذكرياته وسيرته ليضيفها إلى مذكرات والده التي ينوي إصدارها .
** الموقفُ بيان.