صورة
لم تعد جماعية بعد الآن، ها أنت تحاول صنع أخرَ كثيرة غيرها. لست بحاجة للإطار المذهب بعد الآن، يمكنك تعليق كل قطعة صغيرة في مكان ما من غرفتك، تحاول ابتداع شيء يشبه الشارع الذي لا تسير فيه، ولا حتى تطل عليه من النافذة المغلقة بإحكام منذ الشتاء الماضي وقد غلفتها بورق تجليد الكتب، اخترته بلون أزرق داكن، تحاول ألا يتسرّب منك الليل، أو تحاول إقناع جمهورك المشنوق على الجدران أن الوقت ما زال باكرًا على الهبوط وتعليق المشانق على المشاجب، ما زال الليل ليلاً، والنهار - سعيدًا كان أم غير ذلك- لا يزال بعيدًا!
صوت
لم تكن هذه الفئران التي ادّعت امرأة مجنونة أنها آتية، لم يكن الطاعون قادمًا على المدينة بعد. كانت تلك أصوات رفاقك الذين علقتهم آخر ليلة في العام الماضي، في خيوط تشبه خيوط عرائس «الليلة الكبيرة»، ولكنهم لا يغنون، هذه هتافات الحزب الكاذبة التي اعتدت ترديدها معهم كل صباح في طابور المدرسة. كانوا يقولونها بلا وعي، وكنت أنت الوافد الجديد الذي لم يحفظ النشيد الوطني ولا الهتافات الغريبة التي يقولها الجميع كل يوم، وتكتفي أنت بتحريك شفتيك كي لا تتهم بالخيانة، خيانة بلد تتعرفها للمرة الأولى، ما كنت تعرفها حينها، وها أنت تجهلها ثانية بعد ستة وعشرين عامًا!
لون
لا يبدو أنك تشعر بالذنب لرؤية قلم التلوين المفضّل لديك منزوع الغطاء منذ ثلاثة أشهر. لا شك أنه قد جف الآن! لم تفكر حتى في أن تبلل رأسه ببعض اللعاب، حيلتك القديمة التي ما زلت لا تدري لماذا كنت تكررها رغم أن النتيجة كانت صفحة رسم مثقوبة من الوسط، ألوانها باهتة كما لو أنها صبغت بالماء! تبحث عن اللون البني في محفظة الأقلام التي كان لها شكل عظمة الكلب «سبايك» وكنت تحفظ فيها أقلام الفحم التي لم تعد بحاجة إليها في ظل كل هذا الهباب! تقارن لون القلم بالبقعة الآخذة في التمدد على خدك الأيمن بلا اكتراث بما تريده أنت...
صورة+ صوت+ لون=
أنت: جزء من النص مفقود!
- بثينة الإبراهيم