مهدي العبار العنزي
لو عرف العرب وعلى مختلف مستوياتهم ومكانتهم ومناصبهم أن العدل أقوى جيش لما حدث معهم ما حدث في هذا العصر الذي لم يكن للعدل الدور الذي يجب أن يمثله في حياتهم وفي تعاملاتهم وفي أفعالهم وأقوالهم لأن كثيرا منهم لم يعط للعدل أهمية تذكر وعندها لم يتمكنوا من حقن الدماء وحفظ الأنفس والأعراض والممتلكات، يقول ابن تيميه: إن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة. ولهذا يتبين أن العدل مبدأ شامل يطال جميع مناحي الحياة لأن الله سبحانه وتعالى أمر به في قوله جل وعلا: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ} سورة النحل الآية 90، وقوله سبحانه: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ} سورة الأنعام الآية 152 ، يجب أن ندرك تمام الإدراك أن كل المقاصد والمجالات في أبواب الفقه ترجع كلها إلى العدل لأن عاقبته كريمة وعاقبة الظلم وخيمة، وإن فقدان العدل يعني إهدار الحقوق وخراب الأمة وتحطيم طموحاتها وآمالها.
إن ما نشاهده في عالمنا العربي من فوضى وتناحر وسلب ونهب وتقاتل وتخوين وفقدان التراحم وترك التعاضد والانقياد التام لأعداء أمة محمد وكل ما يحدث من شرور وفتن ونزاعات مصدره فقدان العدل وعدم إعطاء هذه الفضيلة الخلقية الفرصة لتكون لها مكانة في العقول والأفكار وكافة التصرفات في حياة الإنسان حاكماً أو محكوماً، فمتى يطبق العدل الحقيقي في عالمنا العربي لتعيش هذه الأمة في الأمن والرخاء والاستقرار والعيش الكريم والطمأنينة التي لا غنى عنها لكل إنسان؟ ولعل هناك من يقول إن الفوضى والتمرد والعصيان والانقلابات في بعض الدول العربية الشقيقة يكرس مبدأ العدل ويعيده من أناس استهانوا به وهذه نظرة خاطئة فالعدل لا يأتي بقوة السلاح ولا بارتكاب الجرائم ولا بترويع الآمنين ولا بنهب الأموال العامة والخاصة. إنه العدل الذي لا يطبقه الأمن يتحلى بروح الإنسانية التي حث عليها الإسلام والذي يعتبر أن حقوق الإنسان واحترام مكانته ومشاعره جزء مهم في قاموس العدل وهيبته، فشعوب العالم بأسره تبحث عن العدل الذي يكفل لها السلامة من المخاطر كبرت أم صغرت وليعلم الجميع أن فقدان العدل سبب مباشر لكل الكوارث والمحن ومن أهمها فقدان الأمن الذي يعتبر في حياة الأمم اهنأ عيش فهل نعي ذلك؟ إذا كان الجواب بنعم دعونا نحاول ونحاول ونجتهد ونصدق ونكافح أنفسنا أولا ليكون للعدل مكانا لانفرط به ونطبق كل ما ورد من آياتٍ كريمة في كتاب الله والتي ذكر بها اسم العدل والأمر لعباده جميعاً بتطبيقه وما ورد عن نبي الرحمة سيد البشرية صلى الله عليه وسلم الذي بين فضيلة العدل في تعامل الناس بين بعضها البعض.
والله المستعان.