د. عبدالرحمن الشلاش
أثبتت الأحداث وبالذات الأخيرة أن العلاقة بين الدول تحكمها المصالح، حتى العلاقة مع الدول التي تجمعنا بها روابط دين أو لغة أو تاريخ. قوة المال والقوة العسكرية من أكثر المغريات لبعض الدول الأقل كي تتخلى عن مبادئها في سبيل الحصول على ما ينقصها، بل إن هناك من قد لا يتردد في التحالف مع الشيطان لتحقيق مآربه.
لغة المصالح هي اللغة الدارجة في الوقت الحالي ومن يرى غير ذلك فهو يعيش ربما في كوكب آخر. قانون جاستا الأمريكي الصنع والتصدير أثبت صحة هذه المقولة، وعبارة مصلحة أمريكا فوق أي اعتبار، وهي لغة نفعية غير مستغربة، ويضاف للغة المصالح أنها قد جاءت هذه المرة صريحة ودون مواربة عبر نظرية مؤامرة اجتهد الكثيرون لسنوات لنفيها وأن هذه النظرية ليست سوى أوهام في عقول بعض العرب والمسلمين وإذا بها تطبخ في قدر قانون جاستا لتحقيق عدالة أمريكية مزعومة، وهي عدالة تطالب بها كل شعوب الأرض لترفع قضاياها ضد أمريكا طلبا لتعويض أسر الضحايا في سلسلة طويلة جدا تبدأ ولا تنتهي. مئات الآلاف من القتلى في هيروشيما وفي فيتنام وأفغانستان والعراق تلك جزء من خلاصة حروب أمريكا في أماكن متعددة من العالم تحت ذرائع واهية وأسباب اختلقها المعتدي للقيام باعتدائه على من لا يملكون القدرة على صده وإيقافه عند حده.
ما يحاك ضد المملكة واضح وضوح الشمس وبات ظاهرا أكثر من أي وقت مضى، ومن ساروا أو سيسيرون خلف الركب المتجني لا يفهمون إلا لغة المصالح، ولأن المملكة قوية بحمد الله بإيمانها الراسخ وثقلها الدولي والإقليمي ومواقفها المشهودة مع الجميع دون تحديد، وكذلك غنية بقيادتها وشعبها ومواردها الطبيعية التي جعلتها في الصدارة فستظل مستهدفة إما حسدا من أصحاب النفوس الرديئة والدنيئة، أو طمعا في تلك الميزات، ولأن الحصول على ميزات كهذه ليست ميسورة في ظل أوضاع طبيعية فتلجأ تلك القوى الطامعة للتلفيق من أجل الابتزاز دون وجه حق.
حسابات المبتزين بالتأكيد غير دقيقة لأنها قائمة على تخرصات وتكهنات تذكرنا بذريعة أسلحة الدمار الشامل لاحتلال العراق، والمملكة في عالم المصالح المتقلب والمتلون لديها القدرة على التصدي، ولعل من أنجع الأسلحة المعاملة بالمثل والمقاطعة لمنتجات تلك الدول فنحن أغنياء من دونهم ونستطيع تغيير البوصلة في أية لحظة طالما كل الدول تبحث عن مصالحها.