موضي الزهراني
كشف التقرير الإحصائي لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية لعام 1437هـ، بأنه تم تسجيل 1750 حالة هروب للفتيات 67 % منهن أجنبيات، أي أن نسبة السعوديات 33 % من المجموع الكلي «مما يؤكد بأنها ليست ظاهرة تُشغل الرأي العام الداخلي» وأوضحت الوزارة بأن المراهقات تصدرن نسبة الهاربات بـ65 %، تلتهن المُعنفات بـ35 %، إلى جانب اختلاف نسبة الهروب من منطقة لأخرى حيث تصدرت جدة ومكة المكرمة معدلات الهروب حيث شملتا 82 % من الحالات، وسجلت الرياض والشرقية أقل النسب وهي 18 %، وهذا ما يخص الهروب من الأسرة نتيجة العنف أو الإهمال أو نتيجة للتفكك الأسري الذي يفقد المظلة الوالديّة هيبتها وقيمتها، ويسبب في انحراف الفتيات! ولكن بعد الحادثتين الأخيرتين لهروب فتيات من أُسرهن وبلادهن للخارج، يحتاج الأمر إلى دراسة دقيقة من الجهات المختصة في الدراسات الاجتماعية الأمنية، مثال «أكاديمية نايف للعلوم الأمنية، أكاديمية نايف للأمن الوطني، مركز مكافحة أبحاث الجريمة» والوقوف على دوافع الهروب الداخلي والخارجي للفتيات من خلال دراسة ميدانية علمية للمؤسسات الإصلاحية التي تستقبل الفتيات بعد هروبهن! التي قد اكتشفتها عن قرب خلال عملي في مجال العنف الأسري والأحداث حيث يتضح أن هناك مجموعة من الدوافع التي لا بد من الأهالي والجهات المُختصة الاهتمام بمعالجتها منها «الزواج بالإكراه من شخص لا ترغبه أو رفض تزويجها من شخص ترغبه! أيضاً الفراغ العاطفي الذي لا تعاني منه الفتاة إلا من خلال بيئة مفككة مهملة! كذلك غياب الرقابة والتنشئة السليمة والتوجيه الديني مما يدفع الفتاة للمعاكسات الهاتفية والبحث عمن يُشبع احتياجاتها العاطفية! ولكن صديقات السوء من العوامل الأساسية للهروب من الأسرة لدورهن القوي في تحريك المواقف والتأثير في مشاعر صديقاتهن تجاه الطريق الخطأ! لكن متى ينجحن صديقات السوء في التأثير السلبي على بعضهن البعض حتى يصل الأمر لدرجة الانقياد السلبي والهروب من الأسرة «البيئة الأولى للفرد التي يرعاها أقرب الناس إليه»؟! هذا التأثير والنجاح فيه يتحقق عندما تكون الأسرة مفككة، أو يسيطر عليها الإهمال العاطفي، أو غياب دور الأب العاطفي مع بناته، إلى جانب الأسلوب التربوي المتناقض فيما بين الوالدين في متابعة وتعديل سلوكيات أبنائهم ما بين الشدة والقسوة من أحد الوالدين، والتهاون والتسيب من الآخر. فالجهات الحقوقية ووحدات الحماية بالمناطق والؤسسات الإصلاحية تستقبل الكثير من الحالات التي تهرب من منازلها لدوافع مختلفة، وبالإمكان معالجتها في حالة تعاون الأسرة، والتزام العاملين في هذا المجال بتطبيق الأنظمة الحقوقية بمهنية تساهم في احتواء الفتيات بدلاً من تطور هروبهن المبدئي إلى قضايا أمنية أو جنائية تمتد للهروب خارج الوطن، واستغلال ناشطي مواقع التواصل الاجتماعي لهذه القضايا للإساءة للأمن الوطني، والجهود الحكومية والمدنية بشأن ذلك.