سعد بن عبدالقادر القويعي
عند الحديث عن هذا الرجل، لا أدري من أين أبدأ، ولا أين أنتهي. ففي ذاكرتي، وأنا أكتب عنه مسافات بعيدة طواها الحدث، والأحداث، قبل - ثماني وثلاثين - سنة، ما بين تنقله من موقع لآخر خدمة لدينه، وبين ولائه لهذا الوطن، وقيادته الحكيمة، استوعب خلالها الحلم، واجتهد بكل إخلاص، وجهد، وطاقة في ترجمته؛ فأضاءت كل زاوية من زوايا نشاطاته العلمية، والعملية، دون أن تثقله هموم الحياة، وشواغلها عن صروح الركض الصحفي، وساحات العمل الإعلامي، ونقاء النفس، وصدق الكلمة، والقرب من الناس، وتحسس حوائجهم.
ما بين جوانب شخصية أبي تركي، تجد شخصية الرجل البسيط، والتي تتمثّل في الشخصية السياسية، والثقافية، والإدارية، والاجتماعية، والإنسانية، فكانت نظرته، وأخلاقه ساحة كبيرة واسعة للنقاش، أشبه بشمس مشرقة، أشرقت بنورها مساحات كبيرة من التأمل، مكللة بالإيمان، والوفاء لالتزاماته الدينية، والوطنية، والإنسانية.
يذكّرني التزامه الخلقي بالماء الصافي الذي ينساب من النبع، فله من اسمه نصيب، إذ كان مثيراً للجدل في عطائه، وعاصفاً في بيان مراده، فهو بحق حالة إبداعية إنسانية، وتوليفة من سجايا كريمه، توافرت لرجل واحد يثير الإعجاب، والحيرة؛ فتجده يتجاوز محطات الإدارة، والمسؤولية؛ ليتحدث إلى الناس، ويتحسس آلام الفقراء، وآمال المحتاجين، حلاً لمشاكلهم، وقضاءً لحوائجهم، بدوافع إنسانية بحتة، ويد كريمة ممدودة للخير، مع حرصه أن يكون ذلك كله في طي الكتمان.
لطالما كان يتحدث عن خصوصية مهنة الصحافة، كونها تخاطب العقول - بمختلف مستوياتها -، فهي الكلمة المطبوعة الموثّقة، والمقروءة التي تطالع القراء كل يوم بمختلف أنواع المقالات، والأعمدة، والتحقيقات، والأخبار ، - فضلاً - عمَّا تحتويه الصحيفة من أبواب ثابتة، وغير ثابتة، وترجمة، وتقارير, وغيرها من الفنون الصحفية المختلفة. ورسالة رفيعة من هذا الطراز، لا بد أن تكون لها من المواصفات، والخصائص ما يجعلها تحافظ على هذه الرفعة.
من جانب آخر، فإن حزمه في الأداء، ودقته في التنفيذ، تؤكدان على أنه يشكل مدرسة إدارية شرطها الإتقان، على مدى سنوات خدمته في صحيفة الرياض، مؤمناً أن العمل ميدان إخلاص، ومعطياً مثالاً للعمل، والمثابرة، والإنتاجية . وحينما يكون الحديث عن شخصيته، فقد اشتملت على معان عديدة، أقلها: الإخلاص، والوفاء، والعطاء، والانتماء.
وعندي، أن الحروف تتقاصر أمام قامة صديق الجوار وصفاً لسجاياه، وخصاله النبيلة؛ فقامة كقامته تستعصي على البيان، فهي ظاهرة إنسانية البصمات؛ لقدرتها على إحداث الدهشة بشكل متصل، - ولذا - فإن أفضل تحية لتلك الشخصية، هو أن أدعو له: بأن يطيل الله عمره على طاعته، ويمتعه بصحة، وعافية، وأن يجعل ما قدمه في ميزان حسناته، وأن يمتعنا بولاة أمرنا، ويديم علينا عزهم، وأن يحفظهم من كيد الكائدين، وعدوان المعتدين.