الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن والاه، أما بعد، فإن بعضاً من وسائل الإعلام الخارجية والدخيلة التي تبث السموم وتزين الأفعال المشينة وتغرر بذوي العقول السفيهة من قنوات فضائية مغرضة وصحف صفراء ومجلات مؤدلجة ومنتديات مضللة ووسائل تواصل غير مفيدة لهي سبب في انحراف أصحاب العقول المتحجرة والقلوب السقيمة، فتجد أحدهم يجلس بالساعات عند هذه الوسائل لعله يجد طريقا يشبع رغبته ويلبي شهوته، ولا يدري المسكين أن قراءة صفحة من كتاب الله أو حديث من أحاديث النبي- صلى الله عليه وسلم- وسيرته خير له، وسوف يجد فيهما الطريق المستقيم والحل لجميع المشاكل والفتن، ولو أنه استشار أهل العلم الراسخين في العلم لوجد الإرشاد للطريق الصحيح بإذن الله، قال تعالى وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ، وقال تعالى وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ، وقال تعالى فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ، قال أبو جعفر: (فإن اختلفتم - أيها المؤمنون - في شيء من أمر دينكم أنتم فيما بينكم، أو أنتم وولاة أمركم، فاشتجرتم فيه «فردوه إلى الله» يعني بذلك: فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم أنتم بينكم، أو أنتم وأولو أمركم فيه من عند الله، يعني بذلك: من كتاب الله، فاتبعوا ما وجدتم. وأما قوله: «والرسول» فإنه يقول: فإن لم تجدوا إلى علم ذلك في كتاب الله سبيلا فارتادوا معرفة ذلك -أيضا- من عند الرسول إن كان حيا، وإن كان ميتا فمن سنته، «إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر» يقول: افعلوا ذلك إن كنتم تصدقون بالله واليوم الآخر، يعني: بالمعاد الذي فيه الثواب والعقاب، فإنكم إن فعلتم ما أمرتم به من ذلك فلكم من الله الجزيل من الثواب، وإن لم تفعلوا ذلك فلكم الأليم من العقاب).
وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي رواه معقل بن يسار -رضي الله عنه-: (العبادة في الهرج كهجرة إلي) رواه مسلم، أي: إقبالك على عبادة الله في وقت الفتن والقتل والقتال لك فيه أجر عظيم كهجرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال عليه الصلاة والسلام (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم وذكر منهم: ورجل بايع إماماً لا يبايعه إلا لدنياه إن أعطاه ما يريد وفى له وإلا لم يف له) رواه البخاري أي لا يقصد طاعة الله في مبايعة من يستحق الإمامة.
فالواجب على كل مسلم أن ينتصر لدينه وطاعة ولاة أمره في المعروف وعدم الخروج عليهم، ولا ينظر إلى الدول الأخرى الذين يمنعون من قبل ولاة أمرهم من أداء الصلاة في المساجد أو من لبس النساء للحجاب، وليشكر الله عز وجل على أنه في دولة مسلمة تحكم شرع الله وتقضي بحكم الله وتطبق الشريعة في جميع أمورها، ولنكثر من دعاء الله بأن يقينا شر الأشرار وكيد الفجار وطوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير، ولنتذكر قوله تعالى وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ، وقوله تعالى وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ، نسأل الله أن بحفظنا وأن يوفقنا للطريق المستقيم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
- إمام وخطيب جامع الأميرة منيرة بنت عبدالعزيز بن مساعد والمستشار الشرعي