فهد عبدالله العجلان
البحث عن الحافز في الاقتصاد يمثل أهم مفاصل فهم دوافع اتخاذ القرار في الوحدات الاقتصادية وتفضيله، ولذا بات مفهوم. (incentive) في عقل المحلل الاقتصادي لا يختلف عن موقعه في عقل المحلل الجنائي مع قياس الفارق، فالحافز هو محرك كل اختيار وقرار واتجاه!
ولأن عربات مستقبلنا ارتبطت الآن ببعضها على الأقل تخطيطياً ونظرياً من أعلى مستوى الهرم لتنقلنا إلى المستقبل الذي تستلهمه الرؤية السعودية الجديدة 2030, فإني أتساءل اليوم ومن بداية الطريق، عن الحافز الذي سيدفع كل القوى المستهدفة بالحراك نحو المستقبل وأين يكمن؟ ما الذي سيحفز المواطن والمواطنة لركوب العربة في الوقت المحدد لكي لا يتأخر القطار أو يتوقف لا سمح الله؟ وبالمقابل ما الذي سيحفز القطاع الخاص بكل مكوناته ليتحول من شريك تابع يكتفي بتلقف ضرع الإنفاق الحكومي متى ما اكتنز بلبن الإنفاق، إلى شريك مستقل وفاعل ترتبط مصلحته بنجاح الرؤية وتنفيذها؟ كما أن السؤال يمتد إلى: المحفز لمئات الآلاف من موظفي الوزارات والمؤسسات الحكومية والخاصة ليستشعر الجميع أن ثمة لسعات نحل قبل لعق العسل!
الحقيقة إن البحث في المحفزات (incentive) ليس بالأمر اليسير، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمشروع نهضوي كبير على مستوى أمة، واقتصاد ذي هياكل تنظيمية وإنتاجية تقليدية لم تكن التنافسية في قاموسها أكثر من شعار لا يمس مصالحها!، لأنه وفي كل المشاريع الإصلاحية الكبرى، تمتد مبضع الجراح إلى الجذور فيكون الألم شديداً وقاسياً في المدى القصير، وهو ما يستدعي توزيع حمل هذا الألم على الأطراف المختلفة، بما يراعي قدرتها على تحمله وتحويله إلى طاقة تحفيز لا تعطيل.
واليوم، ما نراه جلياً وبشكل ملحوظ، إن الإصلاح الاقتصادي الشامل في بلادنا ليس مجرد مسكنات أو عمليات تجميلية سطحية، بل تصحيح جذري يطال كل مفاصل الاقتصاد.
ولذا، فإن النجاح هذه المرة لم يعد تفضيلاً أو دوراً اختيارياً بل واجباً وأولوية.
ولكي يتحقق ذلك، لا بد من دراسة مستفيضة ومتعمقة للمحفزات التي يجب أن تقدم لجميع الأطراف على أن تراجع وتحدث باستمرار.
فالتغير نحو الأفضل اليوم لم يعد حلماً نتطلع إليه، بل واقعٌ نعيشه ونشهده وسندفع ثمن إخفاقنا أو تراجعنا عنه بشكل قد يفقدنا الأمل إلى الأبد!