ماجدة السويِّح
قبل أكثر من 60 عاما رفضت روزا باركس الأمريكية من أصول أفريقية التخلي عن مقعدها في الحافلة لراكب أبيض حسب قوانين نقل»مونتغمري»، التي تخصص مكانا خاصا في الخلف للملونين. مبادرة روزا لرفض قوانين الفصل العنصري عام 1955 ساعدت على تنظيم أكبر وأشهر حملة مقاطعة في التاريخ الأمريكي بعد اعتقالها من قبل الشرطة لمخالفتها قوانين النقل. حملة مقاطعة حافلات «مونتغمري» في جنوب الولايات الأمريكية المتحدة كبدت شركة النقل خسائر فادحة في الأرباح، حيث كان يشكل الأمريكان من أصول أفريقية 75% من العملاء.
أسفرت الحملة بعد عام من بدايتها على إزالة التمييز قي الحافلات، وكسر حاجز الخوف من المطالبة بالحقوق المدنية.
وبالمثل تشهد حملة مقاطعة شركات الاتصالات السعودية بعد مضي أكثر من 10 أيام على انطلاقتها قوة في التأثير والتنظيم، كما تشهد تفاعلا بين أوساط العملاء، لإيصال صوت العميل من تردي الخدمات بالرغم من التكلفة العالية ومحدودية الخدمات المقدمة للعملاء.
المقاطعة الاقتصادية أداة مفضلة لدى المستهلكين لحماية حقوقهم من الهدر، وينقسم العملاء حول أسلوب المقاطعة إلى قسمين، قسم يشكك في فاعلية تلك الحملات، وقسم آخر يعتبرها أداة ناجحة للتعبير عن الاستياء وإدارة غضب المستهلكين بفعالية ضد المنتج أو الخدمة المقدمة.
المقاطعة الاقتصادية تصبح أكثر نجاحا وفاعلية حينما تتلقى الدعم من وسائل الإعلام، لكن في عصر الشبكات الاجتماعية الرعاية والاهتمام من قبل المستخدمين ضاعف من فاعلية هذه الأداة، حيث استجاب البعض للحملة نتيجة لجماعات الضغط، بالإضافة للمشاركة الوجدانية في تحقيق الهدف من حملة المقاطعة.
الحملة الشعبية على تويتر ضد شركات الاتصالات تعتبر المقاطعة الأولى الجادة, والأكثر حضورا وتنظيما. على المدى القصير سجلت الحملة نجاحا سريعا في خسارة شركة الاتصالات السعودية حوالي أكثر من 150.000 متابع على تويتر، وانخفاض سهم الشركة في صباح اليوم التالي بعد حملة المقاطعة، وعلى المدى البعيد ستعاني الشركة والشركات الأخرى من الأضرار بالسمعة التجارية التي قد تكلفها الكثير في سبيل استعادتها.
تأثير حملة مقاطعة شركات الاتصالات تعدى الحدود من «وضع الطيران» وحلق بسرعة الصاروخ لينقل التجربة السعودية للأخوة الأشقاء بدول الخليج العربي. الواقع أن فعالية الحملة السعودية شجعت الشعب العماني لخلق حملة مقاطعة مماثلة، حيث أطلق العمانيون حملة على تويتر أسوة بالحملة السعودية للتعبير عن الاستياء من خدمات شركات الاتصالات، كما شجعت المقاطعة السعودية شعب دولة الإمارات على إطلاق حملة مقاطعة مماثلة لكسر احتكار شركات الاتصالات، حيث أطلق الناشطون فيها حملة مماثلة لكسر احتكار بعض شركات الاتصالات الإماراتية، والاحتجاج على غلاء الأسعار.
رسالة لشركات الاتصالات: وضع الطيران في التعامل مع الأزمة لن يجدي في التعامل مع الأزمة، فإدارة غضب العملاء لا تتطلب سوى التحرك من وضع الطيران والتحليق بسرعة الصاروخ لامتصاص الغضب وتوفير خدمة جيدة بمبلغ معقول.