أحمد محمد الطويان
من يعيش على ردة الفعل لن يحقِّق شيئاً في عالم اليوم.. ومن ينام هانئاً على الأرائك الوثيرة وينتظر أن تتغير الدنيا لصالحه، سينتهي ويفنى ولن يصل. يجب أن نستثمر كل قوة نملكها وأهم هذه القوى الإعلام والاقتصاد، أما الانشغال في التنظير والنقد الغير مبني على الفهم لن يوصلنا لأي نتيجة.
يجب أن نعرف جيداً معنى التهديد الذي يحيط بنا، وأن نعمل على مواجهته كما ينبغي، ولأنَّ الإعلام هو القوة الأهم يجب علينا أن نضع في عين الاعتبار ما تستلزمه المرحلة، وهذا ليس جهد وزارة مختصة، بل جهداً حكوميا شاملا وتكامليا، لأن الإعلام في عالم اليوم عمل موازٍ لأي جهد عسكري أمني أو حربي، ولعل أهم ما يجب التركيز عليه هو قدرتنا على مخاطبة الرأي العام في البلدان الأخرى، وحشد الدعم والتأييد لقضايانا شعبياً.. وأعتقد بأن قانون «جستا» سيكون اختبارا مهما لقدرتنا على المواجهة واستخدام قوتنا بالشكل الذي يخدم قضيتنا وعدالتها.
لماذا لم نخبر العالم كما ينبغي عن حقيقة الألم الذي عانينا منه لسنوات نحن السعوديين من الإرهاب والإرهابيين؟ ولماذا لا نعطي لمشاعرنا دروباً لتصل إلى الآخر بلا تصنع أو تكلف؟
لماذا نحاول أن نقنع أنفسنا ونتناسى ملايين البشر الذين يعتقدون بأننا أسوء مما نحن عليه؟!
المشكلة ليست في إعلام خارجي أو إعلام داخلي المشكلة في عقولنا وطريقة تفكيرنا وأولوياتنا، نحن نكتب ليقرأ لنا المسؤول ويعجبه ما نكتبه، وننتج تلفزيونياً ليصفق لنا المسؤول أو لنحقق ربحاً بالانتشار المحلي.. لم يفكر أحد بالآخر البعيد الذي لم يصله صوتنا ولم يسمع حقيقة أفكارنا.
ولأن الأهداف مفقودة وأي عمل بلا أهداف لن ينجح، الصحافي الغربي مثلاً عندما يزورنا لا نعرف ماذا نقول له، والصحافة الغربية بتلفزيوناتها وصحفها ومواقعها الإلكترونية لا تجد المحلل السياسي السعودي الذي يمثل رؤيتنا ويستطيع الحديث بلا خجل أو وجل لأنه لا يعرف ماذا يقول أو كيف يقول، لأنه وهو يتحدث للخارج يفكر بجمهوره التقليدي في الداخل.
لم نؤهل أحداً للحديث باسمنا عربياً أو عالمياً، لم نستفيد من سنوات طويلة عانت فيها بلادنا من ظلم الإعلام وقسوته، ونحن اليوم نعرف المرض ولكن لا نريد تجرع الدواء المر، ولا نريد أن نبذل مجهوداً في سبيل تحرير أنفسنا من قيود المحلية والتقليدية.
المشكلة إعلاميونا وبيروقراطيتنا ومساحات تطبيق الأفكار والنظريات.. نحتاج باختصار إلى تنفيذيين يحوّلون الرسالة الإعلامية إلى برامج ومقالات وكلمات مؤثرة ومحتوى عالي الجودة باستخدام أكثر وسائل الإعلام تطوراً في كل المجالات وبأدوات مؤثرة تخاطب الوعي واللاوعي الغربي وتغير الصورة الذهنية، وتواجه الدعاية المغرضة وتحطم أدوات الخصوم وتنهي فعالية القصص الصحافية المختلقة.
الحرب الإعلامية ليست رغبة في تحطيم العدو، وليست صوتا مرتفعا، أو مدحا عاما. الحرب الإعلامية أدوات وتخطيط ومنهجية تنفذ بدقة عالية ورسالة واضحة لا لبس فيها، وقبل كل شيء هدف معلوم يعمل على تحقيقه كل فرق العمل الموكل إليها هذا الملف.
يمكننا اليوم استخدام أي منجز من منجزاتنا التنموية وتحويله إلى أداة من أدوات الدعاية الإيجابية ومنها على سبيل المثال رؤية السعودية 2030، ولكننا عاجزون للأسف حتى في تعريف الداخل بالشكل المناسب بهذه الرؤية.
نعم نحن نملك أدوات إعلامية قوية، ونملك الرغبة والإرادة، ولكن ينقصنا التنفيذ وتحويل النظريات إلى أفعال مؤثرة، وهذا دور قيادات الصف الثاني ومعاونيهم، ومن ثم المراقبة والتوجيه من القيادة العليا.