د. عبدالرحمن الشلاش
حياة ما قبل قرارات الترشيد، وحياة ما بعدها. مقارنة لا بد أن تبرز لنا فروقات واضحة هذا هو الطبيعي، فإن لم نلمس أية فروق على مدى الشهور القادمة فهذا يعني أننا لم نستفد من وقع تلك القرارات علينا، وأن ردود أفعالنا وقتية فلا نلبث أن نعود إلى أساليبنا السابقة مرة أخرى وكأن شيئاً لم يحدث. نقترض من أجل أمور هامشية ونحن نردد «فلها وربك يحلها» مقولة نرددها من أجل التنفيس لكن حين تقع «الفأس في الرأس» وتطالب البنوك المتربصة بالسداد «فلا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد».
لن أدخل في حيثيات تلك القرارات فقد أصبحت أمراً واقعاً لا مفر منه، وكتب عنها بعد صدورها ما يغني، وفندت بالمبررات التي منها ظروف انخفاض أسعار النفط. الواقع الحالي يفرض حلاً واحداً لا ثاني له وهو ترشيد الإنفاق بنفس مقدار النقص في الدخل، لكن السؤال هل نستطيع ضبط المصروفات بالدقة التي تجنبنا الحاجة للقروض من البنوك التي هي بالتأكيد تنتظر أي فرصة مواتية كي تزيد من أرباحها على حسابنا ولا تعنيها بأية حال ظروفنا؟
هنا يكمن التحدي الحقيقي أمام أي رب أسرة سواء كان رجلاً كما هو سائد في مجتمعنا أو امرأة بحكم أن بعض النساء الأرامل أو المطلقات أو لأي اعتبارات أخرى مسؤولات فعلياً عن إعالة أسر. كيف يتم ضبط المصروفات؟ وهل ستكفي حاجتنا أم لا؟ الواقع أننا هنا أمام طرفين رئيسين للمعادلة الاقتصادية الأسرية وهما المصروفات والحاجات. من دخله كبير بالتأكيد لا تهمه هذه المعادلة، ولن يسأل عنها لأن مصروفاته تغطي حاجاته وتزيد فهو غير معني. خذ مثلاً من يعملون لحسابهم الخاص لا يدخلون في دائرة المتأثرين إلا ربما بطرق غير مباشرة لا يظهر تأثيرها إلا على المدى الطويل!
لو ركز أي رب أسرة على الحاجات الضرورية الأساسية وحذف من قائمته الاحتياجات الهامشية أعتقد أنه سيتمكن من ضبط أموره. ما هو أساسي مثل السكن والأكل والشرب والملابس وغيرها لا مفر منها، لكن الإغراق في الكماليات سيستنزف الكثير فمثلاً الإصرار على السفر وإقامة الحفلات والولائم والهدايا واقتناء آخر ما نزل في السوق من سيارات وجوالات وإكسسوارات ستقضي بالتأكيد على كل شيء!
أدرك أيضاً أن أكبر تحدٍ سيواجه أي واحد منا تغيير ثقافة أفراد أسرته الذين تعودوا على نمط حياة معين لكنه بالتأكيد مشوار يبدأ بخطوة تتبعه خطوات المهم أن نبدأ.