د. محمد عبدالله العوين
ليس غريباً ولا جديداً أن توجه عصابة الحوثي ومعها الخائن عفاش صواريخها نحو الكعبة المشرفة؛ لكن الصاروخ الذي أرسلته عصابة الحوثي من شمال صعدة سقط في أرض خلاء بالطائف على بعد 60 كيلومترا فقط من مكة المكرمة.
وإذا ربطنا الأحداث بعضها ببعض؛ ففي رمضان الفائت أقدم إرهابي ينتمي إلى داعش بارتكاب جريمة تفجير بجوار المسجد النبوي في المدينة المنورة، وكان يستهدف إيذاء المصلين الذين سيؤدون صلاة المغرب بعد الإفطار؛ لكن وجود نقطة تفتيش تضم مجموعة من رجال الأمن أعاقته عن الوصول إلى هدفه الدنيء ففجر نفسه بينهم؛ فقتل وأصاب عدداً منهم.
وأما ليس بمستغرب حدوث اعتداء على الكعبة أو المصلين من طائفة الزيدية التي تحوثت واتبعت المذهب الإثني عشري الذي يقول بعودة الإمام الغائب وبولاية الفقيه إلى أن يظهر الغائب من سردابه، وتكفير من لا يؤمن بهذه الخرافات التي لا تتفق مع عقل ولا دين؛ أن ثلاثة من متطرفي الزيدية حاولوا اغتيال الملك عبد العزيز - رحمه الله - عام 1353هـ حين كان يطوف بالكعبة ويهم بتقبيل الحجر الأسود وبجانبه ابنه سعود، فتسلل إليه من بين حشود الحجاج زيدي يمني وبيده خنجر وجّهه إلى الملك يريد طعنه به، ولكن سعود تلقى ضربة الخنجر بعضده، وتم قتل المعتدي فوراً وتبعه يمنيان آخران يريدان إكمال ما فشل فيه زميلهما فأرداهما الحراس قتيلين، وأكمل الملك الطواف والسعي وكأن شيئا لم يكن.
وليس هذا الاعتداء الطائفي الأحمق على إمام أهل السنة وناصر الدين الملك عبد العزيز إلا وجهاً واحداً من وجوه كراهية الحق وأهله، والرغبة في تفريق جماعتهم وتشتيت كلمتهم، فبقتل الإمام ستدب الفوضى في البلاد السعودية كما كانت تخيل لهم أحلامهم، ويفشل أبناء الجزيرة العربية في إقامة دولة منيعة لهم ترفع راية التوحيد وتحمي السنة وتذب عن المنهج الصحيح الذي نصبت له فرق الضلال من خوارج ومتشيعين على النهج الفارسي المكايد لإسقاطه.
وليس ما يثيره الإيرانيون في موسم كل حج من أعمال فوضى وشغب بحجج مكذوبة يستغفلون بها العوام والدهماء كالبراءة من المشركين ونحو ذلك، فيعطلون أعمال الحج ويقتلون ويعتدون على رجال الأمن وعلى الحجاج إلا صورة من صور عداء الفرس المتمكن في نفوسهم منذ القادسية للإسلام والمسلمين وللعرب على الأخص.
وأحداث 1406 و1407هـ شاهد على ذلك بما تم كشفه من كميات كبيرة من الديناميت تصل إلى 50 كجم كان يراد تفجيرها في مجاميع الحجاج، وما جرى في نفق المعيصم أيضاً عام 1410هـ من إطلاق الغازات في النفق وراح ضحيته عشرات القتلى والمصابين.
وهؤلاء الأشرار الذين يبطنون الكراهية والضغينة للمسلمين فيدنسون المساجد وأماكن العبادة في وقائع وأحداث مدونة في بلدات عدة ومنها اليمن نفسه هم سلالة العصابة القرمطية المجوسية التي اعتدت على الحجاج وقتلت الآلاف منهم، وبقرت بطون النساء واقتلعت الحجر الأسود ونزعت كسوة الكعبة وميزابها وبابها عام 317هـ وهربت به إلى القطيف وأبقت الحجر الأسود هناك ثلاثة وعشرين عاما لإقامة كعبة بديلة لتصرف الناس عن الحج إلى مكة، فلا غرابة أن توجه عصابة الحوثي صواريخها لتضرب الكعبة المشرفة كما استهدفها بالإيذاء من قبلهم أخدانهم الفرس القرامطة، وقرامطة الحوثي اليوم يدينون بالولاء والاتباع والاقتداء ويأخذون التعاليم والتوجيهات والدعم والعون العسكري من الفرس المتعممين بالتشيع كذبا وزرا في قم وطهران.
وأمام هذا التطور الخطير والتصعيد في استهداف أراضي المملكة ومقدسات المسلمين بالأسلحة الإيرانية البالستية المعدلة طويلة المدى كبركان 1، لا مناص من الحد من تجاسر العصابة الفارسية العميلة على أراضي المملكة بتدمير مراكز إطلاق الصواريخ البالستية واستهداف مخزوناتها وقواعدها والمشغلين لها وإحكام الحصار البحري والبري على الحوثي؛ كي ينقطع إمدادها بأسلحة جديدة عبر منافذ يعلمها العسكريون المختصون كل العلم، ولا داعي للإشارة إليها؛ لئلا ينكشف وجه من يدعي الحياد ويعمل بوجهين.
وإن لم يتم القضاء على تلك الصواريخ وتدمير قواعدها فلا نستبعد أن يرسل هؤلاء الحمقى صواريخهم إلى مدن أخرى في بلادنا أو أن يعاودوا استهداف مكة المكرمة من جديد.
لقد طالت أزمة الحوثي في اليمن التي هي في حقيقة الأمر أزمة لنا؛ بما يستجلبه العميل الذي خان الدين والعروبة والجوار من أعداء ويمكنهم في ديار العرب ويفتح لهم أبوابا ونوافذ للتسلل إلى عمق الجزيرة العربية وتدنيسها.
إن بتر اليد الحوثية الخائنة التي سلمت اليمن للفرس هو بتر للقدم الفارسية نفسها، ونرجو ألا يطول بنا الوقت لتحقيق هذا الأمل ويعود اليمن من جديد إلى دينه وعروبته وأهله.