تلتقي المملكة هذه الأيام المستثمرين الأمريكان من أجل الترويج لأضخم إصدار قادم من الأسواق الناشئة (10 مليارات دولار أو يزيد). ومن المتوقع للبنوك الآسيوية التي تم ضمها ضمن مرتبي الإصدار أن يتم ترتيب اجتماعها مع المستثمرين الآسيويين خلال الأيام القادمة. ما نستطيع أن نستشفه على المعطيات الأولية هو ما يأتي:
o التنوع الجغرافي للبنوك المنضمة للإصدار، التي تعبر عن الدول التي نشترك معها بتحالفات تجارية متينة؛ فتلك الدول على دراية عالية باقتصاد المملكة. وبشكل عام جاءت البنوك من دول مثل أمريكا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا والصين واليابان.
o توقيت الإصدار أكثر من ممتاز؛ فهو يتوافق مع ارتفاع النفط، وسوف يحدث قبل ارتفاع الفائدة من الاحتياطي الفدرالي، وكذلك قبل الانتخابات الأمريكية بخمسة أسابيع، ويأتي في وقت كثرت فيه إصدارات الفائدة السلبية (مما يجعل المستثمرين يبحثون عن العوائد العالية).
كل ما تم ذكره يدل على أن التخطيط لهذا الإصدار تم بعناية عالية، ابتداء من المستشارين الماليين (الذين تم الاستعانة بهم مع قرض المليارات العشرة من الدولارات السابق) إلى القرار الجوهري إعارة فهد السيف (المصرفي في بنك إتش إس بي سي السعودية) لوزارة المالية السعودية؛ وذلك لتكليفه بتأسيس وإدارة مكتب جديد للديون والسندات. والسعوديون الذين يعملون بأسواق الدين يدركون المساهمات التي ساهم فيها السيف في إصدارات صكوك ضخمة بالسعودية خلال الفترة الماضية. ومن المتوقع أن تقدم شركة استشارية صغيرة (Verus Partners) خدمات المشورة للفريق السعودي مع هذا الإصدار السيادي. وهذه الشركة متخصصة في القطاع المالي، وأسسها مصرفيون سابقون، عملوا مع بنك سيتي جروب. ولقد قادت مفاوضات ناجحة مع البنوك سابقًا، وساعدت المملكة في الحصول على تسعير مثالي لقرض المليارات العشرة من الدولارات (وذلك قبل تأسيس مكتب إدارة الدين).
التعامل مع علاوة الإصدار
ومن دون شك فإن الجانب السعودي قد تسلح بالخبرات اللازمة من أبناء بلده، التي ستصبح ضرورية خلال التفاوض مع المستثمرين والاستماع للمشورات التي ستقدمها البنوك المنضمة للإصدار (في العادة يكون هناك انقسام بين تلك البنوك حول تغليب مصلحة الجهة المصدرة، وتقديم عائد أكثر من مُجْزٍ للمستثمرين). وهنا يأتي دور مكتب إدارة الدين السعودي في تحليل كل ذلك، واختيار التسعير المناسب في ظل ظروف السوق، وذلك بما يخدم مصلحة مملكتنا.
خلال الأيام القادمة سوف نقدم تحليلاً موسعًا عن التسعير المتوقع للسندات الدولارية، وذلك في ظل ما سوف يتم تسريبه خلال اجتماعات المستثمرين. ولكن بشكل عام، سوف تبرز أهمية التصنيفات الائتمانية وعقود مقايضة الائتمان.
فعندما تريد دولة ما إصدار سندات فإنها في الغالب تسعى إلى أن تحصل على تصنيف ائتماني من إحدى وكالات التصنيف الائتمانية.
وهذا التصنيف الحيادي القائم على الأساسيات يساعد المصرفيين والمستثمرين في تحديد السعر الإرشادي للسندات التي تنوي تلك الدولة بيعها لهم.
المهمة الأصعب في التفاوض
المهمة الأصعب لفريق الدين السعودي هي كيفية إغلاق الإصدار، وذلك عبر تجنب المملكة دفع علاوة إصدار عالية. فنجاحهم في ذلك يعني التوفير على خزانة الدولة ملايين الدولارات في عصر الإصلاح الاقتصادي الذي نعيشه. كل ما أخشاه خلال الأيام القادمة أن يستغل المستثمرون قانون جاستا برفع علاوة الإصدار على السعودية.
محمد الخنيفر - مراقب ومدقق شرعي معتمد من (AAOIFI) ومتخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لصالح مؤسسات دولية متعددة الأطراف.
تويتر: @MKhnifer
mkhnifer1@gmail.com