غسان محمد علوان
لازال الهلال وحتى لحظة كتابة هذا المقال في سعيه الحثيث للتعاقد مع مدرب جديد بدلاً من مدربه (المتخاذل) جوستافو ماتوساس، وكانت فترة التوقف التي بدأت بنهاية آخر لقاء للفريق في منافسات كأس ولي العهد أمام الرائد بتاريخ 26 سبتمبر فرصة جيدة لحضور المدرب الجديد وتجاوز (جزءاً) ولو كان بسيطاً من مرحلة معرفة الفريق و التأقلم مع الأجواء و أخذ فكرة عن طبيعة التنافس. وبالطبع، لم تقف إدارة النادي مكتوفة الأيدي تجاه فراغ هذا المنصب ، وبدأت بالبحث في كل الاتجاهات عن من تراه مناسباً لقيادة الفريق حسب قدراتها المالية، و حسب توافره في مثل هذا الوقت من الموسم. تناقلت وسائل الإعلام أسماءً عدة، أغلبها لم يتحصل على قبول جماهيري لمختلف الأسباب و العيوب من وجهة نظر المعترض. فمنهم من انتقد كثرة تنقل المدرب بين الأندية، ومنهم من انتقد ضعف معدلات الأداء لفريق المدرب السابق كنسب فوز و تعادل و خسارة، ومنهم من انتقد الاسم المغمور للمدرب، ومنهم من انتقد ضعف العامل الحماسي في طريقة إدارة المدرب للمباريات. و إن دل هذا على شيء، فيدل بشكل واضح على ضبابية رؤية الإدارة فيمن تسعى لتكليفه بهذه المهمة، فالتباين الواضح و الكبير في الأسماء المطروحة لا يوصلنا إلا لهذه النتيجة.
الغريب أن إدارة الهلال تجاهلت في بحثها بين كل تلك السّيَر الذاتية لكل هؤلاء المدربين، سيرة ذاتية لمدرب يحمل شهادة (الدكتوراه) في التربية الرياضية و البدنية في تخصص كرة القدم، و محاضراً معتمداً لتدريب المدربين من فئة A، قليل التنقل بين الأندية التي أشرف على تدريبها كمدرب رئيس أو كمساعد مدرب تحت مسمى (محلل تكتيكي)، ويملك في سجل الأداء لآخر فريق استلم قيادته الفنية نسبة فوز تصل إلى 81% بفارق تهديفي وصل إلى +53. ذلك هو و بشكل مفاجئ المدرب الروماني ماريوس شيبيرين المعروف بإسم (سيبيريا) والذي يعمل رسمياً كمدرباً للفريق الأولمبي لفريق الهلال و مدرباً مؤقتاً للفريق الأول. السؤال الذي يطرح نفسه: لماذا لم يتم حتى الالتفات له من ضمن كل تلك الأسماء التي تمت مناقشتها؟ رغم أن أحد الأسماء التي طرحت الروماني رازفان قد عمل سابقاً تحت إشراف (سيبيريا) في وقت تولي رازفان مهمة تدريب نادي رابيد بوخارست الروماني في فترة سابقة؟
ومقصدي بذكر إسم (سيبيريا) هو على سبيل الاستدلال بضبابية الرؤية في عملية البحث عن مدرب جديد جعلت من أسماء غريبة و غير مقنعة تظهر على رادار الإدارة الهلالية، و في نفس الوقت متجاهلة هذا الإسم التدريبي كخيار لها رغم خبرته الفعلية بمنافساتنا الكروية خلال أكثر من عامين داخل أسوار نادي الهلال، بالإضافة لخبراته السابقة مع نادي العين الإماراتي و عدة أندية رومانية. ومثال سيبيريا يستحضر للذاكرة فوراً إسم المدرب الكرواتي زلاتكو الذي عمل مدرباً لأولمبي الهلال و الجميع يعلم حينها أنه كان يتحين الفرصة لتدريب الفريق الأول الذي كلف بتدريبه مؤقتاً وحقق معه كأس ولي العهد، ولكن النظرة الاستباقية له كمدرب لفريق الفيصلي (أحد أندية الوسط) و كمدرب للفريق الأولمبي، أقصته فوراً من خيارات الإدارة الهلالية. و أين هو زلاتكو الآن بعد رحيله عن الهلال؟ هو الآن في نادي العين الإماراتي منتظراً مباراة النصف نهائي في دوري أبطال آسيا، والذي حقق مع الفريق ألقاباً مختلفة منها الدوري الإماراتي قبل موسمين.
خلاصة الحديث، أن ما يحصل الآن في نادي الهلال من بحثٍ لمدرب جديد، يلازمه الكثير من العشوائية رغم كبر الجهود المبذولة. وأن هذا الدرب الذي انتهجته الإدارة دون تحديد الصفات الأساسية للمدرب القادم والتي بناءً عليها يتم البحث عنه، هو أقرب للدعاء بصدفةٍ توقع في طريق الهلال مدرباً مفاجئاً للجميع، ينجح بلا مقدمات، و يبدع دون توقعات مسبقة بإمكانية ظهور ذلك الإبداع.
نتمنى أن تستطيع الإدارة الهلالية إعادة كل ذلك الحماس و التفاؤل الذي اعترى كل جماهيرهم خلال الصيف الماضي، والذي انتزعه تماماً من نفوسهم ماتوساس بخيانته أمانة العمل و عدم احترامه لاسمه أو اسم الفريق الذي تم التعاقد معه. ولن تعود هذه الثقة إلا بالتعاقد مع مدرب يحتاجه الهلال أكثر من احتياج المدرب للهلال و لأموال الهلال.
خاتمة...
الوقت عدوٌ مجتهد، لا يقتله إلا كل مجتهد
(حكمة)