د. صالح بكر الطيار
في الأسس الاستثمارية وفي علم الاقتصاد تهيمن مؤشرات النجاح في صناعة المستقبل وفي بلورة خارطة الغد ضمن المعطيات المتوافرة في ذلك. وحيث أمام حقبة جديدة تسعى القيادة الرشيدة إلى تحقيق أعلى درجات النجاح والتميز فيها ساناقش في مقالي اليوم أهمية المعرفة في صناعة الاستثمار وهنا سأتحدث عن أهمية الاستثمار المعرفي في خلق بيئة خصبة للاقتصاد. في سنوات مضت كانت الشركات السعودية الكبرى وحتى بعض الوزارات تستعين بخبرات أجنبية من أجل تحقيق أجنداتها وأهدافها وطموحاتها وقد غاب في تلك الفترة عامل مهم جداً وهو التدريب والاستفادة من تلك الخبرات ليس في الإنتاج والعمل والمهام المناطة بهم ولكن لم يتم توظيف خبراتهم في تعليم أبناء البلد بأهمية اكتساب الخبرات والمهارات وأيضاً لم تكن الشركات والقطاعات تلتفت لأهمية التدريب القائم على المعرفة خصوصاً في الوظائف التي تحتاج خبرات طويلة وتدريب دقيق. ومع التقدم التكنولوجي والتوسع الكبير في التعليم العالي وإنشاء عشرات الجامعات وإنشاء برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي باتت الكفاءات الوطنية لا تقل معرفة وعلماً وكفاءة عن العنصر الأجنبي ولكن المشكلة تكمن أن هنالك شركات لا تزال تسير بعقلية الاستعانة بالخبراء الأجانب رغم وجود خبرات قادمة من أفضل الجامعات ولو تعمقت تلك الشركات في الفارق بين العنصرين لوجدت أهمية العنصر الوطني من حيث إنه أقل راتباً وأكثر إنتاجاً لأنه يريد خدمة وطنه وأيضاً قد يكون أكثر تفاعلاً مع التطوير في الشركة التي يعمل بها لإيمانه بأهمية تطوير قدراته ليحافظ على وظيفته ويؤمن مستقبله في ظل متغيرات الشركات.
هنالك رجال أعمال يستثمرون في الخارج وأثبتوا كفاءتهم من خلال امتلاكهم للمعرفة الذاتية وصقل مهاراتهم منة خلال ورش العمل والدورات والاستفادة من خبرات الآخرين للاعتماد على أنفسهم والشواهد في ذلك كثيرة وهنالك أيضاً شركات أجنبية دخلت السوق السعودية باحثة عن العنصر الوطني لكي يكون أفضل إنتاجاً في بلده ومع التسهيلات الحالية والمستقبلية للاستثمار الأجنبي في المملكة وتوقعات بدخول كبريات الشركات فإن الخبرات الوطنية التي استمدت خبرتها وكفاءتها من المعرفة ستكون على قائمة الأفضلية لهذه الشركات.
لدينا مبتعثون وحاملو شهادات عليا لا يزال بعضهم وللأسف يبحث عن عمل أو فرصة وإن تقدم لإحدى الشركات طلبته خبرة بينما لم تع أنها هي المسؤولة عن صناعة خبرته على ضوء معرفته وعلمه وشهاداته وهنالك آخرون يعملون في دولٍ خارجية وفي شركات كبرى ووطنهم أحق بهم ولكن المشكلة تكمن في سوء التقدير وتقديم الخبرة على المعرفة بينما أن الثانية هي شرط الأولى بل وأهم منها في ظل إننا قادمون على مستقبل يعتمد على الشهادات وعلى الأيادي الشابة العاملة الذين يحتاجون إلى الفرصة والثقة. الاقتصاد المعرفي هو القوة الأولى في صناعة استثمار قوي يعتمد على قواعد متينة من التواؤم بين المعرفة والاقتصاد كفيلة بتحقيق كل الأهداف التي تسعى إليها دولتنا وفق خططها ورؤيتها وأهدافها الاقتصادية داخلياً وخارجياً.