محمد بن علي الشهري
المتعارَف عليه أن التاجر الشاطر لا يعرض بضاعته في السوق كسلعة قيّمة ومنافسة إلاّ بعد أن يتأكد لديه خلوّها من العيوب المحتمل حدوثها مستقبلاً، ناهيك عن العيوب الموجودة الواضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، فما بالنا إذا كانت تلك السلعة (رديئة)، ورداءتها باينة بينونة البدر في منتصف الشهر، ورغم ذلك لا يجد المسوّق أدنى مشقّة في فرضها على المستهلك، لا لأنها الأفضل، وإنما لأنها تستحوذ على المؤهل المتمثل بـ(صَكّ) احتكار؟!!.
الـ(إم، بي، سي) مثلاً، وما أدراك ما الإم بي سي، وفي ليلة ظلماء، تم تسليمها (الجمل بما حمل) فيما يتعلق بحصرية نقل (دوري الغلابا) والتحكّم فيه بقرار (سيادي) حسب التصريح المتلفز لـ(خيال المآتة)، ذلك القرار السيادي الذي لم تُراع فيه تداعيات وانعكاسات مكامن الجور الواضحة في سطوره، وليس بين سطوره، بحق المكونات الأساسية للمشروع (أندية وجماهير)، فيما روعيت مصالح المحتِكر، والمستفيد الآخر الذي مهد وخطط بعناية لقطع الطريق على المنافسين؟!.
مظاهر الجور تلك تجلّت بداية في مضمون البند البدعة، المتمثل بمدة العقد طويل (العمر)، أقصد: طويل الأجل (عشر سنوات) دون مراعاة لما يشكله ذلك البند (الجائر) من سلبيات وأضرار مستقبلية قد تفرضها التقلبات والمتغيرات التي لن يكون بمقدور صاحب ذلك القرار السيادي إزالتها أو تلافيها، وذلك عطفاً على كون المحتِكر هو صاحب اليد الطولى، إذ إن (عشر سنوات) كفيلة - بكل تأكيد - بإتاحة المزيد والكثير من الوقت لاكتشاف المزيد والمزيد من نقاط الضعف التي يمكن الاستثمار فيها على حساب الطرف المغلوب على أمره؟!.
ولأنها لم تؤخذ حقوق (الأندية والجماهير) بالحسبان عند إبرام العقد (اللغز) من حيث الالتزام بالعمل على توفير القدر المعقول من الإجادة المهنية المفترضة في مهمات الطرف الناقل، كشرط، لهذا شاهدنا العجب العجاب، سواء على صعيد بث المباريات وما يكتنفها من رداءة، ومن (انحيازات) مفضوحة لطرف دون آخر، أو على صعيد برامج التحليل الفني التي تحكمها وتتحكّم فيها نزعات الميول وتصفية الحسابات الخاصة دون خجل، وعن المعلقين والتعليق حدّث ولا حرج، ورغم الانتقادات الوجيهة المتكررة، إلاّ أن الأمور ظلت كما هي، ما يوحي بأن مسيري القناة يعملون وفق مقولة (من أمّه الخبّازة)؟!!.
مؤخراً، وعلى طريقة (شين وقوي عين) قامت بتسّريب خبر قرب تشفير الدوري، والذي قوبل بعاصفة شديدة من الاستهجان الجماهيري عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مصحوبة بعرض مقاطع لعينات من (الخمبقة) المهنية المضحكة التي انتهجتها القناة خلال المرحلة الماضية، قاطعة على نفسها عهداً -أي الجماهير- بأنها لن تشترك، وهذا من حقها، لماذا؟.
أولاً: لأن الوقت غير مناسب إطلاقاً بالنظر للظروف الاقتصادية الراهنة، وبالتالي فهو يُعتبر استغلالاً بيّناً في ظروف غير مواتية، وثانياً: لأن المُنَتج ما يزال رديئا، والمفترض أن يتم تحسينه وتنقيته من العيوب المتراكمة قبل الشروع في فكرة التشفير، ثالثاً: لأن مبلغ الاشتراك مبالغ فيه جداً، ولا يتماشى مع قيمة ما تقدمه القناة من خدمة أقلّ ما يمكن أن يقال عنها إنها بدائية، أي أن نصف المبلغ المقترح للاشتراك (كثير)، لا، ومن زود (الميانة) لابد من تقييد الاشتراك (الانتهازي) بحيازة (ريسيفر) خاص مع توابعه، يعني إضافة المزيد من الأعباء؟!!.
الشاهد: إن هذا الجشع والتكالب المادي بغية فرض ثمناً مبالغاً فيه لسلعة رديئة مفروضة بالقوة، إنما يشكل تهديداً وخطراً على ما تبقى من نبض الكرة السعودية العليل أصلاً.. فهل يتنبّه صاحب ذلك القرار السيادي للأمر، أم أن وراء الأكمة ما وراءها؟!.
المثير للتعجب هو أنه في هذه الظروف التي تستدعي قيام المؤسسات الكبرى بتحمل مسؤولياتها تجاه المواطن، والمساهمة في التخفيف من معاناته كواجب أخلاقي ووطني، وإذا بهذه المؤسسة العملاقة تشمّر عن سواعدها في سبيل تكبيله بالمزيد من المعاناة والأعباء، فضلاً عن الحيلولة بينه وبين متابعة كرة القدم، المتنفس الوحيد للشريحة الأعرض من المجتمع؟!!.