د. خيرية السقاف
ليس كيفما اتفق ..
ولا من فائض الكلام ..
لا قولاً على عواهنه ..
ولا تزلُّفاً ولا نفاقاً ..
لا مسحاً لجوخ ..
ولا تنصُّلاً من حقيقة ..
لا رمياً في فراغ ..
ولا مجاملة ولا نفاقاً ..
لا تظاهرة لغاية ..
ولا غرضاً من أحد ..
إلاّ أنّ لكلِّ «حادثٍ حديثاً»
ولكلِّ « مجلسٍ لبوساً»
ولكلِّ حالةٍ وضعاً ..
ولكلِّ موقف مَطلباً ..
أما وأنّ الصديق انكشفت براقعه, وسقطت لثمه, وبانت حقيقته ..
والمغْرض نُقضَت جُدرُه, وهُتكت أسرارُه, وفُضحت نواياه ..
والحاقد وقع في مكائدِه, وبرزت أنيابُه, وانفجرت حوصلته ..
لأنّ الأيام دوماً تفتح الأضابير, وتعيد قراءة المضامين, وتقرُّ بما كان, وتسجل ما يكون.., فيها المواقفُ تفسّر ما فيها..
فإنّ الوطن الآن قد تعرّت له الحقائق بتفاصيلها, وألوانها,
وأغراضها, وخساراتها, ومآلاتها, وبسطت له بحلقاتها, وشخوصها, وأدوارها..
عرف عدوَّه من صديقه, وبان له ما خلف اللّثم, والبراقع..
وتحققت له حقائق الحاقد, والمغرض, والحائك, والطامع,
ووضع يده على مفاتيح النجاة ..
ولعلّ أولها أهله وخاصته, طفله وفتاه, امرأته ورجله,
غنيّه وفقيره, مفكره وتلميذه..
من شهقة المولود فيه, لزفرة المفقود إلى ثراه..
من باب حجرة في دار, لمبسط سعف في عشّة ..
من وكر عصفور على غصن, لدرع جندي في خلاء..
بالحبِّ, حبّاً جمّاً جمّاً للوطن..
فلا غذاء أو دواء, لا سقف ولا بساط, مفعمٌ بالأمان غير الحب..
فأخلصوا الحب للوطن, لتخلصوا الوفاء بالعهد ..
وأصدقوا في الوقوف له لتكونوا العضد في الملمة ..
وآثروا على أنفسكم ليكون لكم المآل ..
فالوطن هو الواحد, والأكثر, والكل ..
لا تفتحوا للريح باباً, ولا تمدوا للفرقة جسراً, ولا تقيموا للريح فناراً ..
كونوا الذين قال الله فيهم: {... رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} (23) سورة الأحزاب.
ألا يستحق الوطن الحبَّ الصادق, والوفاء الأمين, والإخلاص المتين ؟!!
بلى والله إنه الأحق .. وحده الأحق ..!!