سعد بن عبدالقادر القويعي
مع استمرار القصف العشوائي لأحياء حلب، تتفاقم الأزمة الإنسانية يوماً بعد يوم، إذ تُعتبر من أكثر المناطق تضرراً من القتال في الصراع المندلع منذ خمسة أعوام في سوريا؛ ولتؤكد الدعوات المبطّنة لاستخدام الإرهاب سلاحاً ضد الشعب السوري فداحة الدرك السياسي، والذي هبطت إليه الإدارتان - الروسية والأمريكية - في نهجهما تجاه قضايا الشرق الأوسط، - خصوصاً - سوريا، باعتبار أن المشهد الدامي في حلب ما هو إلا انعكاس لصراع أعمق بين مصالح دول إقليمية، ودولية.
حلب اليوم منكوبة بكل المقاييس الإنسانية، والقوانين الدولية، وإذا استمر الحال هكذا دون أي اتخاذ خطوات ملموسة على الأرض، فإنها ستسقط لا محالة كنتيجة طبيعية؛ لعدم تحمُّل الأمم المتحدة المسؤوليات الملقاة على عاتقها؛ فتقاعسها مقابل هذه المأساة، - كان ولا يزال - وصمة عار في سجل المجتمع الدولي، الأقرب إلى التواطؤ مع النظام السوري، وبمباركة التحركات الدولية، والإقليمية التي حاولت منذ البداية التأثير في مجريات الصراع الدائر، وهذا يعني البقاء في دوائر نفوذ خارجية بشكل حتمي.
ظاهرياً، ليس فيما يحدث في حلب أي جديد، أو استثنائي؛ فحجم الدمار الهائل، والشامل الذي ألمّ بالمدينة الثائرة على نظام بشار الأسد، شاهد على جريمة حرب غير مسبوقة، ومأساة كبرى في القرن الواحد والعشرين؛ ولفائض الألم المحيط بالمدينة، فحلب جُرحٌ مفتوح، ورمزٌ للنَّزيف المتزامن مع انحدار البلاد نحو الهاوية؛ لأن صورة الضحية الأبدية، هي الصورة اللحظية المكرّسة لدى التعاطي مع الموت اليومي في سوريا.
إن نظام الأسد، والمدعوم من حلفائه - الروس والإيرانيين -، يدرك جيداً أن مستقبل سوريا بات معلقاً بحلب؛ ولأن النهاية غير واضحة في الأفق القريب؛ لعدم تطلّب المرحلة مواجهة جذور المشكلة، فقد أضاف الكاتب، والمحلل السياسي الأميركي «تشارلز كراوثامر»، خلال مقابلة على شبكة «فوكس نيوز Fox News»، بأن: «روسيا، وإيران، وحزب الله، وقوات النظام السوري يتبعون إستراتيجية واحدة في سوريا - الآن -، وهي القضاء على كل شيء في حلب، وقتل أي أحد في المناطق التابعة للمعارضة، وضرب المستشفيات، ومحطات المياه، وهم يعلمون جيداً أن أوباما لن يحرك حتى إصبعه، وهم لا يعرفون ما موقف الإدارة الأمريكية القادمة».