الرياض - خاص - «الجزيرة»:
تنامت الجريمة الإلكترونية مع تطوّر وسائل التواصل الاجتماعي حيث يوجد من يستغل التقنية لأهدافه العدوانية الخبيثة بواسطة وسائل التواصل الحديثة كتبادل المعلومات الماسة بالأمن الوطني، وتهييج الشباب وتشتيت أفكارهم وتجنيدهم للعمل ضمن الخلايا الإرهابية والتنظيمات المتطرفة التي تعمل لحساب أطراف معادية تستهدف أمن الوطن واستقراره، وتسعى للفساد والإفساد في الأرض، ومن ذلك إثارة الفتن والقلاقل، والشائعات، وبث الأفكار السيئة والمتطرفة التي تؤثر على أمن واستقرار المجتمع.
«الجزيرة» طرحت تلك القضية المهمة على خبراء التقنية الحديثة، لتقديم الطرق المثلى لمواجهة التطور التقني لإيقاف السموم التي يبثّها الجهال والأشرار على حدٍّ سواء.
موقف المبادر
بدايةً يؤكّد الدكتور وليد بن عبدالعزيز الجندل عميد تقنية المعلومات في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية أن الواقع الذي نعيشه في خضم هذا التطور التقني في طرق الوصول لعقول المجتمع يجعل من المهم وضع إطار تقني توعوي لمواجهة هذا الأمر، وحيث إن الوقاية خير من العلاج وكي نخرج من النمطية والتقليدية في التعاطي مع الهجمات الفكرية على مجتمعنا فإنه يتوجب علينا أن نقف موقف المبادر، وأن نقوم ابتداءً بتصحيح المفاهيم الأساسية في المجتمع وتنشئة الشباب نشأة علمية دينية فكرية سليمة قائمة على صحيح الدين والفكر الوسطي المعتدل مع تعطيل دور الأسرة والمدرسة وكافة المؤسسات التعليمية قبل وصول هذا الفكر المنحرف إلى عقول المجتمع وأخص بالذكر طبقة الشباب قبل وصول هذا الفكر المنحرف إلى عقولهم.
لم يتخيّل شخص في العقد الماضي أن تصل عقول شبابنا إلى هذه الهشاشة الفكرية لتتأثر بدعاة الفكر الضال باستخدام أبسط الوسائل التقنية، وفي إطار مجابهة الفكر الضال فإن لذلك طرقاً لمواجهة هذا الأمر منها استخدام التقنية في مواجهته والقضاء عليه.
لا شك أن أجهزة مكافحة الجريمة الإلكترونية التابعة للدولة يمكن أن تؤدي دوراً حيوياً في مواجهة جرائم الإنترنت، غير أن هنالك إدراكاً على نطاق واسع أيضاً أنه وبسبب الطبيعة المعقدة لهذه الجرائم لا يمكن لتلك الأجهزة بمفردها التعامل مع المشكلة لأن مواجهة مخاطر الفضاء الإلكتروني تعتمد كثيراً على تبني مجموعة من الإستراتيجيات، التقنية والتنظيمية، والتي تعمل فيها أجهزة مكافحة الجريمة الإلكترونية جنباً إلى جنب في شراكة مع المجتمع، وإستراتيجية المبادرة وتصحيح المفاهيم باستخدام طرق تواصل تقنية تجمع مجموعة من المثقفين والشرعيين والأخصائيين النفسانيين والأخصائيين الاجتماعيين لتكوين شبكة اجتماعية شبابية داخل شبكات التواصل الاجتماعي تقوم بمناقشة ما يطرح من قضايا الانحراف الفكري وبث الفكر الوسطي والوطني الصحيح لمجتمع الشباب بطريقة شبابية بعيدة عن التقليدية في إيصال المعلومة أو طريقة المناقشة حتى لو وصل إلى استخدام اللغة العامية الشبابية لتقريب العقل الشبابي للفكر الصحيح أي مخاطبة الشباب باللغة التي يفهمونها.
وبإيجاز فإن تبني مثل هذه الإستراتيجية الأمنية المجتمعية، التي تعمل فيها الأجهزة الرسمية لمكافحة الجريمة الإلكترونية في الدولة جنباً إلى جنب مع أفراد المجتمع، هو ما يمكن من خلاله مكافحة الأنشطة الإجرامية في الفضاء الإلكتروني والتقليل من مخاطرها والحد من انتشارها.
توفير الحماية
ويشير الدكتور ممدوح نجار نائب الرئيس للتقنية الوطنية في مايكروسوفت العربية إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر أحد أكبر مصادر البرامج الخبيثة والفيروسات التي من شأنها أن تعرض المعلومات لمخاطر التخريب والسرقة والتجسس، وبالتالي فقدان المبدأ الأساسي لأمن وحماية المعلومات. وتقع المسؤولية هنا على عاتق المستخدمين لحماية أنفسهم من خلال حماية كومبيوتراتهم وهواتفهم الذكية من أن تكون عرضة للاختراق أو أن يتم التحكم بها من قبل المجرمين الإلكترونيين، ونشر الشائعات على لسان المستخدم الحقيقي.
ونؤمن في "مايكروسوفت" بالأهمية المتزايدة لأمن المعلومات، ونعمل دائماً على توفير الحماية اللازمة للمستخدمين سواء كانوا يستخدمون الكومبيوترات أو الأجهزة الذكية المحمولة، لذلك قمنا بتدعيم ويندوز 10 بحزمة متكاملة من البرمجيات ووسائل الحماية التقنية التي ترفع مستويات الأمان والخصوصية للمستخدمين بشكل كبير، مثل ميزة "Windows Hello" التي تقوم بتأمين ملفات وبيانات المستخدمين وتجعلها غير قابلة للتطفل، حيث لا تسمح إلا للمستخدم الأصلي بالوصول إلى تلك البيانات. أما ميزة Windows Defender في ويندوز 10، فوظيفتها حماية الأجهزة من الفيروسات والبرمجيات التجسسية. ولا توفر هذه الميزة فحص النظام فحسب، بل تتضمن عدداً من وسائل حماية الوقت الحقيقي في أماكن عامة عدة في نظام التشغيل ويندوز 10 ترقباً لأي تغير قد يطرأ نتيجة برنامج تجسسي أو فيروس أو محاولة اختراق.
ومن الضروري دحض الشائعات والفتن ومكافحتها بسبب خطورتها على المجتمع وأمن الوطن، ويتحقق هذا الأمر بالتوعية ورفع مستوى الوعي لدى المتلقين من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي. وعلى الرغم من ذلك، شهدنا خلال الفترة الماضية تحسناً كبيراً في وعي الناس نحو كل ما يتم تداوله على كافة المستويات، سواء كانت اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية، وأقصد بذلك وجود رأي عام يرفض جميع المظاهر السلبية أو المخلة بالآداب أو الأمن الوطني، وهذا مؤشر إيجابي جداً على رفع مستوى وعي المواطنين.
وبالإضافة إلى ذلك، فهناك دور فعال واستباقي للجهات المختصة في توعوية المستخدمين بمخاطر هذه الشبكات والمواقع وتوضيح الطريقة الصحيحة للتعامل مع المعلومات المغلوطة. وأؤمن أن دور الشركات والمختصين ورواد العمل التطوعي وأصحاب الحسابات المعتمدة والشخصيات الاعتبارية كبير ومهم جداً لإيصال المعلومات الصحيحة ودحض السلبيات كل بحسب مجاله وتخصصه، ليكون التأثير إيجابياً وشاملاً للجميع؛ فكل من يتأثر بغيره يؤثر على غيره والعكس صحيح.
تطوّر متسارع
وقال الأستاذ مازن حسن خليل مدير إدارة التقنية والتطوير في الشركة العربية للعود: لقد توسعت استخدامات التقنية في كافة المجالات والقطاعات الحكومية والخاصة في بلادنا المملكة العربية السعودية وذلك نظراً للتطور المتسارع في كافة أشكال الحياة ولسهولة نقل المعلومات والبيانات من خلالها.
ومن هذه التوسعات مواقع التواصل الاجتماعي والتي من شأنها أن تفتح قنوات التواصل بين جميع فئات المجتمع لتبادل الأفكار وعرض الآراء مع كسر الحدود الجغرافية ويدخل في هذا الإطار استغلالها كأداة للتسويق وتعتبر هذه من إيجابياتها.
وظهرت معها للأسف سلبيات، حيث إن مع هذا التواتر السريع وجدت بعض الجرائم الإلكترونية وغير القانونية من بعض النفوس الضعيفة.
ولو تمعنا النظر في الفئة العمرية لمرتكبي الجرائم الإلكترونية لوجدنا أنها تتراوح ما بين 18 إلى 48 عاماً ولديهم بعض المعلومات عن كيفية اختراق الشبكات وكسر الشفرات السرية وتتلخص دوافعهم في التسلية، والابتزاز المادي والمعنوي، وإثارة الفتن الطائفية، والانتقام، والتجسس وسرقة المعلومات.
ولقد تصدرت بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية في مكافحة هذه الجرائم والتصدي لها بتقنية عالية وفي وقت قياسي، ووضعت قوانين وعقوبات رادعة لهؤلاء المخربين كالسجن والغرامات المالية. كما وفرت حكومتنا الرشيدة موقعاً للإبلاغ عن هذه الجرائم الإلكترونية.
ويؤكّد الأستاذ مازن خليل بأنه يجب أن نفعل دور الإعلام والأسرة لتعزيز الوعي الاجتماعي والتربوي والتعليمي للوقاية من الوقوع كضحايا في هذه الجرائم ولا سيما أن أغلبية مرتكبيها يبدؤونها بسن مبكرة بصيغة مهارة وذكاء إلكتروني وقد لا يكونوا على علم بمدى خطورة ارتكاب هذه الأفعال وعواقبها المستقبلية، فالتوعية من الجانب الديني والأخلاقي قد يساهم بشكل كبير في الحد من هذه الجرائم.