من يقوم بزيارة الجوف فإنه من المستحيل أن يغادرها دون أن يزور مَعْلمها الأثري الأبرز.. قلعة مارد التي أصبحت الوجهة الرئيسية الأولى للسياح القادمين للمدينة.
تقع قلعة مارد على تل مرتفع في مدينة دومة الجندل جنوب غرب مسجد عمر.
وأقدم ذكر لها يعود إلى نحو القرن الثالث الميلادي، عندما غزت ملكة تدمر زنوبيا دومة الجندل، وفيها قالت: «تمرد مارد وعز الأبلق». والمارد في اللغة صفة لكل شيء تمرد واستعصى.
وينقسم تصميمها المعماري إلى قسمين، أحدهما مدني للإعاشة والسكن والإدارة، والآخر حربي للمراقبة والنذار بالحرب والقتال.
والقسم المدني مكوَّن من فناء كبير مكشوف مستطيل الشكل، يعلوه ست فتحات معدة للمراقبة وإسقاط الحجارة والزيت المغلي، ويلحق بالمدخل حجرات الحراس وبرج مستدير يتصل به ممر مغطى بجذوع وجريد النخل ينتهي ببئر عميقة تبرز عن جدران القلعة وكأنها برج مستدير.
أيضًا توجد بقايا مسجد صغير يتكون من رواق واحد رئيس للقبلة. ويؤمَّن هذا القسم المدني بأربعة أبراج ركنية مستديرة ومخروطية الشكل مبنية من الحجر والطوب، الذي يعرف بـ»اللبن».
أما القسم الحربي فهو عبارة عن كتلة معمارية ضخمة مقامة فوق هضبة مرتفعة، يتقدمها من الجهة الجنوبية الشرقية خندق دفاعي، ويصعد إليها بواسطة درج من الجهة نفسها.
وتوجد بالجهة الشرقية منه بئر عميقة، قطرها 40 سم، فيما تمتاز جدران القسم الحربي بوجود فتحات ضيقة للمراقبة والسهام، إلى جانب الفتحات المنتشرة في الأجزاء العلوية من الأسوار.
والواقع أن بناء هذه القلعة على هضبة تشرف على الواحة القديمة مظهر حضاري عرفته بعض الحضارات الأخرى للدفاع والحماية عندما يدق ناقوس الخطر كما في مصر والشام، إلا أن قلعة مارد تمتاز بالضخامة واشتمالها على قسم مدني إلى جانب قسمها الحربي، إضافة إلى أن تعدد الأسوار ووجود الخندق فيه يجعله من المباني الذكية والشاملة في ذلك الوقت، التي نادرًا ما سجل التاريخ القديم مثلها.