د. إبراهيم بن عبدالله المطرف
جاء على لسان وزير الثقافة والإعلام الدكتور عادل بن زيد الطريفي أن الهيئة، ومن خلال أنظمتها وأطر عملها سيتاح لها التنسيق مع الجهات ذات الصلة للقيام بمشروعات ثقافية رائدة ضمن رؤية المملكة 2030، في ضوء معطيات المملكة بوصفها قبلة للمسلمين وبما تمتلكه من إرث حضاري وإنساني وموقع إستراتيجي جغرافي وإمكانات بشرية وقوة اقتصادية وسياسية فاعلة. مضيفا بأن إنشاء الهيئة سيمنح العمل الثقافي والأدبي والفني مزيدا من الحضور الوطني والعربي والدولي نتيجة لما ستشهده المرحلة المقبلة من انطلاقة إضافية ونوعية في الإجراءات المتنوعة التي تدعم المؤسسات الثقافية.
لقد بارك المثقفون السعوديون للمملكة وقيادتها هذه الخطوة، وأشادوا بتأسيس الهيئة وتفاؤلهم الكبير بقدومها، وقال أحدهم «إنها تعبرعن توحيد للمشهد الثقافي السعودي، من منطلق أن الثقافة تعد كمعطى حضاري إنساني، إحدى السمات المهمة التي تعبر عن هويات الشعوب وتاريخها وشخصيتها». وأضاف آخرون عن أمله «أن تحتضن الهيئة الثقافة وتعلي من شأنها من خلال نقل الصورة الحقيقية للثقافة السعودية وتصديرها إلى العالم فكرا وأدبا وترجمة».
كما جاء على لسان مثقف سعودي آخر أنه يتمنى على الهيئة «أن تحتضن مثقفي المملكة الذين ظلت الهيئة حلما يراودهم ومطلبا في مناقشاتهم ومؤتمراتهم وحواراتهم وكتاباتهم، وأن ترفع من قدرهم». وقال آخر إنه يتمنى على الهيئة «أن تصيغ المشاريع الثقافية التي تصل إلى شرائح المجتمع المختلفة والمتعددة». بينما أكد أحدهم على «أن الهيئة حلم قد تحقق، ليساهم في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي للجمهور والمجتمع السعودي ورقيه». وعلق مثقف سعودي آخر على «أن الهيئة سوف تعرف بالثقافة والمثقفين السعوديين حيث سينطلق منها الحراك الثقافي في الداخل والخارج».
وننوه قبل البدء في موضوع المقالة عن حقيقة أن مؤتمر الأدباء السعوديين الثالث (2007) كان قد أعلن عن سبع توصيات هامة تتعلق بـ : تأسيس رابطة للأدباء، وتفعيل جائزة الدولة التقديرية، وإنشاء وتمويل صندوق للأدباء، وتفريغهم لإنتاج الأعمال الأدبية والثقافية والفنية الإبداعية، وزيادة الإعانات للأندية الأدبية وتنظيم المشاركات الثقافية خارج المملكة. وننوه أيضا عن حقيقة أن الملتقى الأول للمثقفين السعوديين (2010) قد دعم جهود وزارة الثقافة والإعلام في إعداد «إستراتيجية التنمية الثقافية» من خلال خمسين ورقة عمل قدمت خلال الملتقى.
لقد ظهر مصطلح «التنمية» في منتصف القرن العشرين الميلادي الماضي، ورأت دول العالم، في شرقه وغربه، وشماله وجنوبه، في «التنمية» وسيلة إلى النمو والتطور والتقدم، فسارعت إلى تبني التنمية، ورفعتها شعارا تعمل على تطبيقه، فيما تطور اهتمام العديد من الدول بالتنمية، عندما حققت من خلال أساليبها المتنوعة نجاحات على كافة الأًصعدة، اقتصاديا واجتماعيا وعلميا، فطوّرَت المصطلح، ليكونَ «التنمية المستدامة»، تعبيرا عن أهمية عملية التنمية، وانعكاسا لحاجة الدول والشعوب إلى التنمية كوسيلة لاستمرارها في النمو، واستمرارها في تحقيق المزيد من التطور والتقدم في كافة مجالات الحياة.
إلى ذلك ارتبطت الثقافة بالتنمية، باعتبارهما صنوان لا ينفصلان، وانطلاقا من أهمية «الثقافة» باعتبارها «رافعة» للتنمية التي ظهر أنها لا تستطيعُ أن تنجح من دون أداء ثقافي، حيث تُعْتَبَرُ الثقافة من أشكال الوعي الاجتماعي لأي شعب وفي كل بلد، إذ تشمل تجاربَ المجتمع وخبراته وقيمه وإبداعه، كما تشملُ موروثَاته المادية، وتراثه الروحي والمعنوي، بكل ما ينطوي عليه من عادات وتقاليد وموروثات، تظل لها فاعليتها وتأثيرها في المجتمع.
وانطلاقا من أهمية الثقافة في دعم عملية التنمية، يصبح من الضروري «استثمار» و»توظيف» كافة أشكال و»مبادرات» العمل الثقافي في خدمة مسيرة التنمية في المملكة وتطوير اقتصادياتها، حيث بات من الضروري بل والأكثر إلحاحا تحقيق قدركبير من «التكامل» بين دور الدولة وبقية مؤسسات المجتمع، خاصة المؤسسات والجمعيات الأهلية.
وترتكز الثقافة، في أي مكان كانت في عالمنا المعاصر، على شراكة ثلاثية الأطراف، تتكون من القطاع الحكومي، والقطاع الخاص، والجمعيات الأهلية، حيث يتم على نحو خاص إعلاء مبدأ المسؤولية الاجتماعية وتأكيد المشاركة المجتمعية التي تشجع على العمل التطوعي الثقافي في خدمة المجتمع.
ويتمثل الهدف الرئيس لهيئات الثقافة في التأسيس لهيئة ثقافية «تنموية» تكاملية، تساعد على تطوير الخصائص الثقافية للبلاد من ناحية، وتعمل في الوقت نفسه، على مد جسور التواصل والتعاون والتفاهم بين المفكرين والمثقفين من المواطنين والمقيمين، ونظرائهم في دول وعواصم العالم المتميزة، تاريخا وحضارة وثقافة.
ووفقا لصحيفة مكة، 8 مايو 2016، فإن هيئات الثقافة في العالم العربي تركز على أمور من بين أهمها، دعم الفعاليات الثقافية والفنية والإشراف عليها، وتنظيم المهرجانات الوطنية، وإنشاء المراكز الثقافية المتكاملة، والتعريف بثقافة الدولة وفنونها وتراثها، وتعزيز الهوية الوطنية، والاهتمام بالمبدعين، وإصدار المؤلفات والمعاجم والفهارس وجمع الوثائق، وإنشاء الجوائز التقديرية للمبدعين في الثقافة والآداب والفنون.
وهناك أسباب وعوامل عدة دعت إلى إنشاء الهيئة العامة للثقافة في المملكة، يأتي على رأسها الأهمية الروحية والإستراتيجية والجغرافية والتاريخية للمملكة، وموقعها الإقليمي والدولي المتميز، اقتصاديا وصناعيا بشكل خاص، وسياحيا أيضا، وما تمتلكه من مقومات تؤهلها لأداء دور «ثقافي» رائد في عالمها المعاصر.
ونرى أن من بين أهم الدوافع المحلية والعوامل الإقليمية والدولية التي دعت إلى تأسيس الهيئة ما يلي:
. الكوزموبوليتانية التي تغزو الكيانات الكبيرة والصغيرة في عالمنا المعاصر.
. وقدرة مفكري ومثقفي المملكة على المشاركة الإيجابية الثقافية مع الدول الشقيقة. والصديقة على المستويات الإقليمية والدولية في الدفع بالتكامل الثقافي العالمي.
. ومساهمة مفكري ومثقفي المملكة في التراث العلمي والإنساني العالمي.
. والحاجة الملحة إلى انفتاح أكبر على العالم الخارجي، والتفاعل مع كل ما هو ملائم وثري وخصب ثقافيا لحياة المواطن السعودي، من خلال الاطلاع عن قرب على كل ما أنتجته البشرية من فكر وإبداع ثقافي.
. وتشجيع أعمال الترجمة والاقتباس من كل ما أنتجته الحضارات والثقافات، دعما لنضوج فكري محلي وتأكيد القدرة السعودية على الإضافة والعطاء.
ونرى أنه ينبغي أن تشمل (رسالة) الهيئة ما يشير إلى «أن المملكة ستحتل في المستقبل المنظور مكانة مرموقة على المستوى المحلي والإقليمي والدولي كمركز تكامل ثقافي حضاري وتواصل فكري وإشعاع ذهني.
بينما ينبغي أن تشمل (رؤية) الهيئة إلى ما يشير على «أن الهيئة سوف تصبح الأولى من نوعها على مستوى المنطقة التي تقدم برنامجا للتنمية والتكامل الثقافي، من خلال علاقة شراكة ثلاثية الأبعاد، بهدف تعزيز مكانة المملكة الثقافية والحضارية، محليا وإقليميا ودوليا».
كما يتوجب على الهيئة أن تطمح إلى بناء شراكة (إستراتيجية ثلاثية الأبعاد) ممثلة بالقطاع الحكومي والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، دعما لرسالة ورؤية الهيئة، وفق المقترحات التالية:
- تقاسم مسئولية دعم برامج الهيئة وفعالياتها.
- رسم إستراتيجية للشراكة ووضع الإطار العام لها، والتعاون على تنفيذها.
- الإفادة من موارد القطاع الخاص الموجهة للمسئولية الاجتماعية.
- تطوير الكفاءات الشبابية من خلال برامج تعليمية وتدريبية متخصصة.
- تطوير القدرات المهنية والفنية في المجالات الثقافية والحضارية.
- ضم عدد من المبتعثين من الشباب والشابات للعمل في الهيئة.
ويتوقع أن تقوم الهيئة بدور بارز في عملية (تطوير خصائص الثقافة وموروثها) في مناطق المملكة المختلفة، من خلال:
- الانصهار المحلي للثقافات المهاجرة: السعي إلى تحقيق التقارب الفكري والثقافي بين المواطنين السعوديين والمقيمين، وتحقيق التواصل بين الثقافة العربية السعودية وغيرها من ثقافات الجاليات الأجنبية، وتفاعل هذه الجاليات مع الثقافة العربية السعودية.
- الإصدارات الصحفية: تشجيع ودعم إصدار المزيد من الصحف اليومية، إثراءً للصحافة السعودية بشكل عام.
- الإصدارات المهنية: تشجيع الإصدارات المهنية، وتطوير الإصدارات التي تصدرها مختلف الجهات الحكومية والأهلية، وتشجيع التواصل بين القائمين على هذه الإصدارات.
- تنمية دور القطاع الخاص الثقافي: الحث إلى إسهام أكبر من قبل القطاع الخاص السعودي في عملية التنمية الثقافية بشكل عام، وتطوير الخصائص الثقافية للمملكة بشكل خاص، عبر المناشط الفكرية والثقافية المختلفة، والوسائل والوسائط التي تتعدد توجهاتها وأشكالها الثقافية، من المجلات الشهرية، إلى النشرات الأسبوعية، وغيرها من الإصدارات الورقية والإلكترونية، والبرامج الثقافية الداخلية والخارجية المتنوعة. وفي هذا الصدد نشيد بتجربة شركة الزيت العربية السعودية وما بذلته من إسهامات ثقافية، نتج عنها عمل الشركة في الوقت الحاضر على تأسيس مركز الملك عبدالعزيز الحضاري.
- التأليف والإنتاج الفكري: العمل على تشجيع التأليف والإنتاج الفكري في مختلف المجالات واكتشاف المواهب في هذه المجالات، والعمل على رعايتها بكافة الوسائل والسبل المتاحة، وتشجيع الموهوبين والمبدعين في مختلف مجالات التأليف والإنتاج الفكري، ونشر ما تنتجه على الرأي العام.
- إسهامات المؤسسات التعليمية في البناء الفكري: التواصل والتفاعل مع المؤسسات التعليمية وتعزيز أدائها في تطوير المجتمع وتقدمه، والسعي نحو تطوير إسهام المؤسسات العلمية في البناء الفكري للمجتمع المدني في المملكة، وأجياله المختلفة.
- البحث العلمي: الاهتمام بالبحث العلمي، وتشجيع الباحثين السعوديين، في كافة المجالات العلمية، وخاصة الشباب، ودعم البحوث العلمية، ماديا ومعنويا، ونشر نتائج البحوث في مختلف وسائل الإعلام السعودية، تشجيعا للباحثين وتعريفا للمجتمع بأهميتها.
- المعارض الفنية والفنون التشكيلية: تشجيع إعداد المعارض الفنية، خاصة معارض الفنون التشكيلية، وتشجيع إقامة الندوات الثقافية على هامش هذه المعارض، والسعي نحو نشر منتجات هذه المعارض، تأكيدا لأهمية الثقافة «البصرية» في تشكيل الوعي العام، وتكوين الذوق العام وتطويره، وأهمية ذلك في بناء السلوك العام، وتنمية المجتمع.
- الجمعيات والمراكز الثقافية: التواصل مع مختلف الجمعيات والمراكز الثقافية داخل المملكة والجمعيات والمراكز الثقافية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وفي الدول العربية والتفاعل مع ما تنتجه هذا الجمعيات من منتجات ثقافية وإبداعية بأشكالها ومستوياتها المختلفة.
- المأثورات الشعبية: دراسة المأثورات الشعبية السعودية، والعمل على تحقيق المجهول أو غير المعروف من هذه المأثورات، والسعي نحو المحافظة عليها، وتنمية الوعي العام بأهمية ما يواكب منها العصر ومتغيرات المستقبل في تربية النشء والشباب، وتأكيد ما تنطوي عليه هذه المأثورات من القيم «الإيجابية» وأهميتها في بناء المجتمع وتطوره.
- التراث العمراني والآثار والمتاحف والمعالم التاريخية: تنمية الوعي العام بالقيمة التاريخية والحضارية والثقافية للتراث العمراني والآثار والمتاحف والمعالم التاريخية في المملكة، وترسيخ الاهتمام بالحفاظ عليه، وتطويرها، ودراستها، والتعريف بها بين مختلف الثقافات، وتعريف الجاليات الأجنبية في مناطق المملكة المختلفة، بالقيمة الحضارية والتاريخية والثقافية للتراث والمتاحف ومختلف المعالم التاريخية.
ونرى أنه من المناسب أن تسعى الهيئة العامة للثقافة جاهدة إلى تأسيس آليات وأدوات وأوعية ثقافية وفكرية متمثلة في إنشاء مشروعات تنموية تعمل على تحقيق رسالتها ورؤيتها وتدعم الوصول إلى أهدافها على مختلف الأصعدة، ويقترح الكاتب في التالي مقترحات لآليات وأدوات ثقافية وفكرية:
- أكاديمية التواصل الثقافي: إنشاء أكاديمية يطلق عليها «الأكاديمية السعودية للتواصل الثقافي» تعنى بالتخصصات العلمية المتعلقة بالتواصل الحضاري والثقافي، بهدف تعزيز مكانة المملكة ثقافيا، في محيطها الخليجي والإقليمي، وعلى الصعيد العالمي.
- ثقافة المواطنة: رسم إستراتيجية ثلاثية الأبعاد وواضحة المعالم للدور الذي يمكن أن تقوم به مختلف المؤسسات في القطاع الحكومي والقطاع الخاص والمؤسسات والجمعيات الأهلية والقطاعات المجتمعية في المملكة، في دعم المواطنة وترسيخ الانتماء الوطني.
- منتدى التواصل الثقافي: التأسيس لمنتدى سنوي دولي لتواصل الثقافات يجعل من المملكة «جسراً» ثقافياً عالمياً، يربط بين المنطقة وشعوبها الخليجية والعربية وغيرها من مناطق وشعوب العالم، ويشارك في القضاء على أزمة التواصل الإيجابي بين الثقافات العالمية، ويسهم في إنهاء القطيعة الثقافية بين أقاليم ودول العالم المختلفة، وذلك من خلال التنظيم لأسبوع ثقافي سنوي يجعل من المملكة حاضرة عالمية مليئة بالأحداث والفعاليات والمهرجانات الثقافية، التي تستلهم التجارب الدولية التي تحتضنها كبرى عواصم العالم، مثل نيويورك وباريس وشنغهاي وطوكيو.
- التواصل الإقليمي: دعم الحوار الإقليمي وتوطيد العلاقات بدول الخليج والمنطقة الآسيوية عبر المنطقة الشرقية، وذلك من منطلق أنها النافذة الشرقية للمملكة، وبوابتها إلى دول الخليج العربي وشمال وجنوب شرق آسيا.
- تطوير الخصائص الثقافية: تطوير الخصائص الثقافية للمملكة، ويقصد بذلك تطوير النوادي الثقافية والفكرية، والمتاحف بأنواعها، ووسائل الإعلام الحديثة، والمؤسسات التعليمية ومراكز البحث العلمي ذات البعد الثقافي العالمي، وتهيئة المرافق الخدمية في المملكة لتصبح قادرة على استضافة الأحداث العالمية، علما بأن الخصائص الثقافية متوفرة، ببناها التحتية المختلفة، ولكنها في حاجة إلى الكثير من التطوير والتحديث.
- دعم الإعلام المتخصص: الإسهام في تطوير برامج الإعلام المحلية، والسعي نحو تشجيع إنشاء الإعلام المتخصص القائم على أسس ومرتكزات وطنية، توسيعا للأطر الإعلامية التي تسهم في بناء المجتمع، وتأكيد عملية التنمية المستدامة تلبية لحاجات المجتمع، وإسهاما في تمكينه من مواكبة إيقاع العصر ومتغيراته، وتأهيل المجتمع لمواجهة مختلف التحديات العالمية المستقبلية، من خلال تطوير الإعلام «المتخصص» في المملكة، وإتاحة الفرصة له، لأداء دور أكثر فاعلية في بناء المجتمع.
- الدبلوماسية العامة: تأتي أهمية الدبلوماسية العامة، نتيجة لما طرأ على النظام الدولي من تفاعلات ومتغيرات أدت إلى تزايد دور الرأي العام الذي أصبح مؤثرا في الشئون الدولية، ما أدى إلى ظهورفاعل سياسي مهم إلى جانب الدبلوماسية الرسمية للدولة، وأصبح للرأي العام تأثير على سياسات التعاون الإقليمي والدولي، وعلى علاقات حسن الجوار بشكل عام، وصارت الشعوب أكثر وعيا وتطلعا لتحقيق التكامل الاقتصادي والسياسي والأمني والثقافي بينها. ومن هذا المنطلق يمكن أن تقدم الهيئة برنامجا للدبلوماسية العامة، يتم من خلاله تقديم برامج التدريب التعليمية المختلفة والمتقدمة للشباب والشابات في المملكة، لتمكينهم من القيام بدورهم كسفراء لبلادهم والدفاع عن قضاياها بشكل عام، وتمثيل المملكة والتعبير عن آفاق تطورها الحضاري والثقافي في المحافل الدولية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- مراكز الصداقة: العمل على تأسيس مراكز الصداقة الثقافية الثنائية مع المراكز المماثلة الشقيقة والصديقة، بهدف التعريف بالثقافة السعودية ونشر مبادئها وقيمها، والتفاعل مع الثقافات العالمية على تعدد هوياتها. ويفترض أن تمثل هذه المراكز جسورا أساسية لمنظومة التواصل الحضاري، من منطلق أن التواصل والتفاعل مع الآخر يثري الحياة الثقافية، وأن التطور الحضاري في عمر البشرية، مدين في أساسه للتواصل والتفاعل والتأثير المتبادل بين الثقافات جميعها.
- الأمسيات الثقافية: التوسع في التعريف بالمملكة على كافة المستويات والأصعدة من خلال التواجد في المحافل الإقليمية والدولية ومعارض الكتب الدولية، وتقديم الأمسيات الثقافية والفنية التي تتخللها المحاضرات وورش العمل والمتاحف المتنقلة، وتوزيع إصدارات الهيئة من مطبوعات وأبحاث وتراجم وغيرها.
- المرصد الثقافي: إنشاء مرصد ثقافي لحصر وجمع المعلومات المتعلقة بالتنمية الثقافية وفقا للأنظمة المحلية، والسعي نحو تكوين أرشيف شامل خاص بالخصائص الثقافية في المملكة، يكون بمثابة ذاكرة مرجعية لتطور الثقافة في المملكة، وحالتها العامة.
وفيما يخص الدعم التأسيسي، فإنه ينبغي على مسئولي الهيئة السعي، خلال مرحلتها التأسيسية، للحصول على الدعم الفني واللوجستي من الوكالات والمنظمات المتخصصة ذات العلاقة، التابعة لهيئة الأمم المتحدة، وذلك في ضوء ما تقدمه المملكة من دعم ومساندة لبرامج هذه الجهات دعما لتحقيقها لأهدافها.
وفيما يخص آليات عمل الهيئة، فنرى أنه ينبغي أن تشمل ولا تقتصر على:
- إعداد البرامج الثقافية والعلمية والاجتماعية.
- والإفادة من الخبرات والتخصصات والكفاءات الوطنية.
- وتشجيع إعداد الدراسات والبحوث المتخصصة.
- وتأسيس مجلة إليكترونية ومواقع تواصل اجتماعية.
- وتوفير الإنتاج الإعلامي المتنوع بلغات عدة.
- ودعم جهود الترجمة وتكثيفها وتمويلها
- وتوفير أكبر عدد ممكن من مواد التعريف بالرسالة والبرامج.
- والتركيز على الجوانب الحضارية والثقافية والإعلامية في تحقيق الأهداف.
- ودعوة مفكري العالم للمشاركة في البرامج والفعاليات.
- والتعاون مع المنظمات الثقافية والحضارية على المستوى الإقليمي والدولي.
- والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة محليا وإقليميا ودوليا.
- والتنسيق مع الجهات الرسمية المحلية لتنفيذ المشاريع والبرامج.
- والتعاون في المرحلة التأسيسية مع المنظمات والهيئات العالمية الثقافية المرموقة.
- وتشجيع الزيارات الثقافية المتبادلة.
- وتعزيز التواصل الثقافي مع الدول الشقيقة والصديقة.
- وتأسيس موقع إليكتروني لخدمة رؤية الهيئة ورسالتها.
- وتأسيس «جوائز سنوية» تقدم لشخصيات أو مؤسسات سعودية تقديرا لما قدم من دعم لرؤية ورسالة وأهداف الهيئة.
ونختم بالقول إن إنشاء هيئة للثقافة في المملكة كان حلما يراود المثقفين السعوديين، وقد أصبح حقيقة بفضل الرؤية الرشيدة للقيادة السعودية الحكيمة، رؤية جاءت لتحتضن المثقفين، الذين يقفون وقفة تقدير لهذه الرؤية النهضوية الوليدة. متطلعين إلى أن يركز مجلس إدارة الهيئة في عمله على إطلاق وتعزيز ديناميكية إنمائية ثقافية في المملكة، وتوعية وإرشاد المجتمع الأهلي بأهمية الثقافة وتطويرها، وتعزيز التواصل الثقافي مع الدول الصديقة والشقيقة على المستويين الإقليمي والدولي، وخاصة العواصم الثقافية المهمة.