يقول المدون المبدع (مهيب) بينما كنت أمشي في شوارع مدينة جوثنبرغ في السويد باحثاً عن مطعم لتناول الغداء، صادفت عجوزين يمشيان بتؤدة في الشارع، فقلت لأسألنهما عن المطعم فهؤلاء الكبار لديهم قدرة عجيبة على منحك وقتاً جميلاً بمجرد الحديث معهم. كانا زوجين كبيرين، لكن السيدة تبدو أصغر أو لنقل أكثر صحة من زوجها. سألتُ السيدةَ إن كانت تتحدث الإنجليزية فردت بتلعثم وشغف في آن: نعم نعم، لكنني لا أتقنها تماماً. قلت لها لا بأس، أنا أبحث عن مطعم في المنطقة. ردت بفرح كالصغار: أه، إم، أه، يوجد واحد، بل اثنان، بل ثلاثة هاهاه وأخذت في الضحك. قلت لها: رائع أين هاتيك المطاعم إذا؟ فقالت: اااه، انظر هناك مطعم، أوه وبجواره مطعم ثان، وبجواره مطعم ثالث.. هاهاه، ضحكت من أعماق قلبها ثم أردفت: ربما تجد مطعماً رابعاً، هاهاها.. شكرتها بامتنان وفرح شديدين وقلت لها لن أنس لك هذا المعروف. ثم استوقفتني قائلة: انظر إلى زوجي هذا، عمره 94 عاما، وأنا عمري 89 عاما، وخرجنا نتمشى في هذا الجو المشمس، ثم ضحكا معا هذه المرة. نظرت إلى زوجها الذي يرتكز على كتفها أثناء المشي، وقلت له: لا بد أنك محظوظ بهذه السيدة، قال بصوت ضاحك وبطيء نعم نعم. ثم قلت لهما: أنتما أكثر شباباً من شباب آخرين. فطفقا يضحكان كأن شلالاً من السعادة يغسل قلبيهما… ثم مضيت إلى المطعم وأنا لا أطيق إخفاء ابتسامتي طيلة الطريق، حتى التقينا مرة أخرى عند الإشارة الضوئية، فقد كنت أمشي ببطء لألتقط بعض الصور لمركز المدينة والمتحف والطرقات. ما أن رآياني حتى طفقا يضحكان وقالت السيدة: ثمة مطعم خامس هناك!
انطلقت ضحكة مجلجلة من حنجرتي كالعادة حينما لا أملك ترف كتم الضحكة، وقلت لهما: لقد صنعتما يومي كما يقال بالإنجليزية. مشيت إلى المطعم وأنا أتفكر في الزوجين السعيدين اللذين يمشيان سوية بعد أن بلغ بهما العمر عتيا ويصران على الاستمتاع بالحياة بشكل بسيط، أي عبر التمشّي.
لست باحثا في أمور الصحة البدنية، لكني أكاد أجزم أن المشي مع إنسان تحبه يساعدك في حرق الدهون بشكل أكبر من المشي منفرداً. ليس لأن السعادة تحتاج إلى طاقة هائلة لتُصنع، بل لأن الفرحة الغامرة تولد طاقة تذيب الحواجز وتذيب كل شيء يحول بين المرء ومحبوبه.
ثم إن المشي مع محبوبك ليس فيه أي جهد، فأنت لن تشترِيَ تذكرةً من أجل أن تمشيَ مع أبنائك أو زوجتك أو والديك أو أصدقائك. المشي مجاني فتمشّوا!