فيصل خالد الخديدي
تنتشر وسائل التواصل الاجتماعي، ويشاع استخدامها بين شرائح المجتمع، ولم يعد من الصعب أو المستحيل صناعة شهرة أو نجومية في الفضاء الإلكتروني وإن كان طالبها لا يملك هدفًا ورسالة ولا محتوى، أو حتى مقومات النجاح والشهرة والنجومية، وهو ما أفرز أشباه المواهب وعديمي الفكر والرسالة والهدف والمحتوى، ويتزاحم عليهم المتابعون بكل صفاقة بالملايين. فالفضاء المفتوح يجعل المتلقي أمام فوضى، وفي حيرة من أمره بين الغث والسمين، وبين الصادق والمزيف.. ولم يعد مستغربًا أن نجد شابًّا غرًّا يثرثر عبر أحد برامج التواصل الاجتماعي أو البث المباشر، يصل عدد مشاهدات أحد مقاطعه للملايين، بقصد الفكاهة المسيئة للمجتمع، وهو ما أوصل السلطات السعودية لاعتقاله لتماديه في الإساءة. ولم يكن يحتاج آخر، بلغت به الشهرة في مواقع التواصل الاجتماعي حدها، لكي ينكشف زيف شخصيته وضحالة ثقافته إلا للقاء تلفزيوني مباشر؛ ليبيّن أن المتابعين وإن كثر عددهم لا يعني أنهم يتابعون شيئًا ثمينًا وجيدًا، ولكنهم صنعوا من أحمق مشهورًا بمتابعتهم له.
أما على المستوى التشكيلي وتعامل الفنانين والفنانات مع مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج الحوارية والمباشرة فإن تعاطيهم يتباين بين شيء من الفوضوية الاستعراضية والاستفادة والإفادة ونشر التقنيات والثقافة الفنية؛ فأصبح ليس من المستغرب أن ترى مبتدئًا أو مبتدئة يقدمان دورات في الفنون التشكيلية، وهما لا يملكون أبجديات الفن، ويحظيان بكم هائل من المتابعين والمتابعات، بينما تجد فنانين جادين ومتمكنين، ويقدمون تقنيات ومعلومات حقيقية، تضيف للساحة والمتلقي الكثير، لا يحظون بذات المتابعة والاهتمام. فالمسألة أصبحت تعتمد على التسويق للذات والإبهار والتكلف والحرص على جمع أكبر عدد من المتابعين بأي طريقة كانت, ولو كان الحساب بلا هدف أو محتوى.
إن الاستفادة من النوافذ الإلكترونية التي أتاحتها برامج التواصل والحوار المطلب. ولعل سؤالاً يُطرح أو معلومة من خلال حساب أو فنان تثري الحوار، وتفيد الساحة التشكيلية، أو تكشف مدى ثقافة المتابعين وتربكهم، وتبيِّن مستوى وعيهم بما يطرح من مواضيع جادة. وهذا ما فعله الفنان عبدالله الشهري من خلال حسابه ببرنامج السناب شات؛ إذ طرح سؤالاً على متابعيه عن استخدام الفنانين مصطلحات أسلوبي واتجاهي ومدرستي الفنية، وهل يوجد فرق بينها؟؟ سؤال مفتوح مثل هذا كفيل بأن يثري الساحة بالنقاش، ويفتح مجالاً للتثاقف ونشر المعلومة ببساطة مستفيدًا من سهولة التواصل التي تحققها مثل هذه البرامج، وتضيف فكرًا وفنًّا، وتنشر معلومة، أو تعلن فعالية، وهو ما تحتاج إليه الساحة التشكيلية لتستفيد من كل نوافذ التقنية لنشر الفن بوعي.