تحقيق - حمد فرحان:
هناك الكثير من الصعوبات التي يواجهها الطلاب المبعتثون السعوديون في الخارج والتي قد تؤثر على تحصيلهم العلمي، وربما تتطور وتضع المبتعث في مشاكل قانويية وعقوبات صارمة، وقد تتسبب في إبعاده من دولة الابتعاث. هذه الصعوبات قد يكون سببها الجهل من المبتعث نفسه أو إهمال التوعية المسبقة من قبل الجهات المعنية، وأما قصور من المحلقية نفسها. وقد أظهر استطلاع أجرته «الجزيرة» شمل عددا من المبتعثين في الولايات المتحدة، أن أحد أهم الملاحظات التي يواجهها المبتعث هو تجاهل الملحقية له وتأخرها في حل بعض المشاكل التي تواجهه، أو التأخر في الرد على استفساراته ومعالجتها أولا بأول، إلى جانب معاناتهم مع بعض المشرفين.
وتطرق بعض المبتعثين للحديث عن وجود تأخر في صرف المكافأة في بعض الأحيان، مما يترتب عليه وقوع المبتعث في مأزق قد يؤدي إلى ضعف تحصيله العلمي. كما أظهر استطلاع الرأي أن البعض من المبتعثين واجهوا بشكل أو بآخر نوع من أنواع التميز العنصري من قبل بعض الأمريكان العنصريين، مما يضطرهم في كثير من الأحيان إلى مغادرة الولاية التي يدرسون فيها بعد قضاء مدة من سنوات الدارسة على خلفية مطالبة أهالي المدينة لهم بذلك.
في بداية الاستطلاع تحدث لنا الشاب عبدالرحمن بن محمد الوشلي، الذي قسم مشاكل المبتعثين إلى ثلاثة أقسام، معتبرا أنها أما مشاكل نفسية أو أكاديمية أو قانونية، مشيرا إلى أنه غالبا ما تكون أسباب المشاكل النفسية ناجمة عن الغربة وتبعاتها، وأحياناً بسبب تغير البيئة الاجتماعية، وهذه متوقعة لكنها قد تتطور لتكون مرضاً نفسياً ينتج عنه عدم القدرة على التركيز على الدراسة إذا لم تتم مواجهتها ومعالجتها، وأحياناً تودي بالمبتعث للنوعين الآخرين من المشاكل.
وينصح الوشلي ـ وهو مبتعث لدراسة الدكتوراه في القانون في جامعة IUPUI انديانا ورئيس الجمعية العمومية للطلبة السعوديين في انديانابلس ـ زملاءه من الشباب المبتعثين عند التعرض للمشاكل النفسية بعدما الكتمان والسكوت عليها بل يجب مواجهتها وتحديد أسبابها، والتخفيف منها من خلال ممارسة بعض النشاطات التطوعية أو الرياضية التي تساعد على التأقلم والانخراط في حياة الابتعاث.
طبيعة المرحلة
ويواصل الوشلي حديثه ملخصا المشاكل الأكاديمية التي تواجه المبتعثين خلال دراستهم، بأنها دائما ما تكون مرتبطة بتسجيل المواد والتواصل بين الملحقية الثقافية والجامعة، وتزويد الجهتين بالإثباتات اللازمة. وكذلك فهم طبيعة المرحلة الدراسية الجديدة.
ويوضح قائلا: «الطالب الذي تخرج للتو من المرحلة الثانوية، عليه أن يفهم طبيعة المرحلة الجامعية، وكذلك بيئة البلد الذي يدرس فيه، وهذا نوع من أنواع التحديات المرحلية، لا يختلف كثيراً عن التحدي الذي يواجه طالب الدراسات العليا». مشيرا في الوقت ذاته إلى حل المشاكل الأكاديمية يحتاج إلى توجيه إما من قبل المشرف الأكاديمي في الجامعة أو من قبل الملحقية الثقافية أو من قبل الأصدقاء في المحيط الدراسي أو النادي السعودي.
وفيما يخص المشاكل القانونية أشار الوشلي أنها الأخطر، والتي قد تعيق إكمال الطالب لدراسته، وأحياناً قد تتطور لعقوبات صارمة كالسجن أو الإبعاد من دولة الابتعاث، وسببها الجهل أو إهمال التوعية المسبقة.
ومن أبرزها مشاكل قيادة السيارة، أو المتعلقة بالسكن والجيران، والتأمين. أو المشاكل الاجتماعية التي يترتب عليها مخالفات قانونية، سواءً في العلاقات الزوجية والمشاكل التي تطرأ عليها، أو العلاقات التي لا يسمح بها قانون البلد، ومن ذلك المشاكل القانونية في التعامل مع الأطفال بالرعاية الاجتماعية أو الصحية المناسبة. وينصح المبتعث الوشلي بأنه عند التعرض لأي من المشاكل القانونية فأن يجب التواصل مع القنصلية مباشرة أو الملحقية الثقافية التابعة للسفارة.
صعوبات مختلفة
وفي ذات السياق علق سليم حامد حجاي مبتعث ماجستير لدراسة تخصص الإعلام الرقمي والصحافة جامعة سيكرت هارت الأمريكية وعضو مجموعة سعوديون في أمريكا بخصوص المبتعثين السعوديين في الولايات المتحدة الأمريكية وقال: «تختلف الصعوبات التي نواجهها عن باقي المبتعثين السعوديين في بقية دول العالم لعدة أسباب أولها في الولايات المتحدة القانون يحكم الجميع الطالب الدولي والطالب الأمريكي والمواطن واللاجئين الشرعيين وغير الشرعيين مع اختلاف القوانين وتفاصيل صغيرة في القانون الواحد من ولاية إلى أخرى فعلى سبيل المثال إذا أراد أحدهم استخراج رخصة قيادة في ولاية كاليفورنيا يحتاج بعض الأوراق والمستندات والمتطلبات التي لا يحتاجها زميله في ولاية كنكتيكت وهذه أول الصعوبات التي يواجهها المبتعث».
وأضاف:» الأمر الآخر الذي يواجهه المبتعث صعوبة الاندماج مع زملائه الطلاب من الدول الأخرى وهذا يعود لاختلاف الثقافات والخلفيات المعرفية لكل منهم وهو في الغالب أمر طبيعي، وهنا يكتسب الطالب المرونة حيث يقدم بعض التنازلات في سبيل الاندماج مع زميله القادم من بلاد أخرى وتفهم الاختلاف، وبالتحديد في الولايات المتحدة يجب أن يتمتع المبتعث بمقدار عال من المرونة في التعامل لأنه لن يواجه فقط الطلاب الأمريكيين بل من كل دول العالم وكل الأديان والأعراق والثقافات».
مشكلات اللغة
وأشار في ذات الوقت إلى أن المبتعث في البدايات يجد بعض الصعوبات في اللغة الإنجليزية ومتى تستخدم هذه الجملة وما هو الموقف المناسب لاستخدامها ولكن هذا الحاجز يزول سريعاً هنا في الولايات المتحدة لاعتياد الشعب الأمريكي على الغرباء وعلى من لا يجيدون اللغة الإنجليزية ولكن في الحياة الأكاديمية التطوير اللغوي يجب أن يكون مستمرا بجانب التفوق العلمي في التخصص وكأن الطالب الدولي هنا يدرس تخصصين اللغة الإنجليزية بجانب تخصصه العلمي.
وتابع قائلا:» يجد المبتعث صعوبة في إدارة حياته ومنزله وميزانيته، مما لم يعتد على فعله الأغلبية من المبتعثين وهم في المملكة ففوق المجهود الدراسي يأتي المجهود المبذول في التفكير في الإدارة المالية لميزانيته وتدبير أمور حياته الاعتيادية من طبخ وتنظيف واهتمام بالمنزل وهنا أقول بأن المكافأة ليست كافية تماماً ليرتاح الطالب من عبء التفكير بالأمور المالية وينزل عن كاهله هذا العبء الذي يشكل للبعض عائقاً حقيقياً وخاصة بأن الولايات المتحدة تختلف من ولاية إلى أخرى اختلافاً ليس بالبسيط في إيجارات الشقق وأسعار المعيشة والنقل العام وأسعار البنزين فلو قدر للطالب أن يستلم مكافأة تغنيه عن التفكير بهذه الأمور لكي يضع كل مجهوده على هدفه الأساسي وهو التحصيل العلمي لرأينا مخرجات البرنامج المبارك أفضل مما هي عليه الآن. وأشار حجازي إلى أن المؤسسات التعليمية الأمريكية متعاونة إلى حد كبير، في تعامل منسوبي الجامعات مع الطلاب الدوليين بكل شفافية وتفهم لما يواجهونه من هم الغربة والبعد عن الوطن والأهل والأصدقاء، كذلك الملحقية الثقافية السعودية في أمريكا تسعى دائما لتحسين الخدمات بشكل مستمر للطلاب، لكن هذا لا يعني عدم وجود بعض الأخطاء وتعطيل بعض الطلبات من قبل بعض الإدارات في الملحقية، وسبق أن اعترف الملحق الثقافي الدكتور محمد العيسى في شهر سبتمبر الماضي بوجود تأخر في بعض المعاملات في إدارة المرافقين في الملحقية وأنهم عالجوا ذلك التأخر خلال 72 ساعة وأن الموظفين عملوا في إجازة عيد الأضحى لإنجاز الطلبات المتأخرة».
اختلاف المعايير
إلى ذلك قال نصر سعد الأنصاري ـ مبتعث لدراسة الماجستير في الإعلام جامعة أوريغون ستيت الأمريكية ـ إن أهم المعوقات التي تواجه الطالب السعودي في الخارج إذا كان دارساً على حسابه الخاص تتمثل في عدم وجود معايير ثابتة لضمه للبعثة الدراسية حتى مع وجود أوامر ملكية بضم الطلاب الدارسين على حسابهم الخاص بدون شرط أو قيد، هناك من يتم ضمه في الشهور الأولى من دراسته وآخرون يتأخر انضمامهم حتى بعد بدء دراستهم الأكاديمية وعند الاستفسار من الملحقية تكون الإجابة أن المكرمات الملكية الأخيرة تشمل فقط الطلاب الذين بدءوا الدراسة الأكاديمية الفعلية رغم وجود لائحة مشروطة تفيد بضم كل طالب يبدأ الدراسة الأكاديمية دون الحاجة لأوامر ملكية.
تعامل الملحقيات
أما الطالب معاذ عمار العمار تخصص إدارة الأعمال والإدارة في ريفرسايد كالفورنيا فهو يقول:»يعاني الكثير من الطلاب المبتعثين من مشاكل عديدة تعيق أو تصعب من مهمتهم في التحصيل العلمي والتميز الدراسي في الغربة، فيواجه الطالب المبتعث سوء تعامل الملحقية الثقافية بواشنطن والتأخر في الرد للطالب بحيث أن المشكلة تتعقد بسبب التأخير»، وأضاف: «العديد من الطلاب يشتكون من مشاكل كثيرة في تعاملهم مع الملحقية، منها سوء التعامل من بعض المشرفين الدراسيين وتأخرهم في الرد على استفسارات الطلاب»، إضافة إلى تأخير دفع الرسوم الدراسية مما يترتب عليه غرامات مالية يجبر الطالب بدفعها عاجلا، وإلا لن يحق له التسجيل لمواد الفصل الدراسي»، مشيرا إلى أن نظام إيقاف المكافأة يعد أكبر المخاطر التي يتعرض لها الطالب إذ يتم إيقاف مكافأته أحيانا بدون إنذار مسبق مما يسبب غرامات على الطالب في تأخر سداد الفواتير. ويرى العمار ضرورة إعادة النظر وتقييم الأوضاع المعيشية للمبتعثين حسب كل دولة وظروفها المعيشية وتكاليف دراستها حتى لا يشغل الطالب عن الهدف الأساسي الذي جاء من أجله. مبينا أن المبتعثين في أمريكا يعانون كثيرا من مشكلة الغلاء المعيشي، وذلك بسبب عدم ثبات الصرف مع ضعف مخصصاتهم الشهرية.
غلاء المعيشة والعنصرية
من جهة أخرى قال نادر مطلق السهلي تخصص إدارة أعمال في كنجس كوليج ببنسلفانيا يواجه إخواني المبتعثين الكثير من الصعوبات، خصوصا من الناحية المادية فالمكافآت لا تغطي تكاليف المعيشة وأسعار الإيجار، هذا بغض النظر عن المواصلات وتكاليفها والكتب وأسعارها المبالغ فيها.
أما من الناحية الصحية قبل عامين كان المتكفل الرسمي بالتأمين الصحي للطلاب شركة « Atna « وبدون سابق إنذار تم تغيير الشركة لشركة سيئة واستفزازية من حيث التعامل والقوانين»، بحيث أن الطالب لو شعر بآلام استدعت ذهابه إلى المستشفى ولم تكن حالته طارئة جدا عليه أن يدفع 100 دولار وهذا أمر مستفز للغاية». ويضيف: «من الصعوبات التي نواجهها أيضا كمبتعثين العنصرية من قبل بعض العنصريين في أمريكا مما اضطر بعض الطلاب مغادرة الولاية التي يدرسون فيها بعد مطالبة أهالي المدينة لهم بذلك والذين قاموا بوضع منشورات على سياراتهم الخاصة مطالبينهم بالمغادرة، ما دعا الملحقية بإجبار الطلاب على تغيير الولاية على وجه السرعة».