ماجدة السويِّح
يعيش المجتمع السعودي في دوامة من الضجيج المستمر والتفاعل مع كل حدث سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي من خلال وسائل التواصل الاجتماعية التي تغرق مستخدمها في طوفان من المعلومات والآراء المتباينة تجاه موضوع محدد.
نظرية «دوامة الصمت» التي ارتبطت باسم الباحثة الألمانية إليزابيث نويل نيومان عام 1974 فقدت بريقها مع ثورة المعلومات والاتصالات وتطور الإنترنت. نظرية دوامة الصمت تبين كيف يتشكل الرأي العام في المجتمعات وسط انسحاب رأي آخر مضاد، أو لا يتفق مع الرأي السائد المطروح تحت ضغط الخوف من العزلة الاجتماعية، حيث يعمد الناس إلى إخفاء آرائهم بعيداً عما يعتقدون خوفاً من العزلة الاجتماعية.
تلعب وسائل الإعلام دوراً مؤثراً على تشكيل الرأي العام بدعم جانب واحد ترى صحته، في حين تحتفظ الأقلية أو المجموعة الصامتة قبل ثورة الإنترنت بوجهة نظرها خوفاً من التهديد بالعزلة أو النبذ الاجتماعي.
الأسبوع الماضي عاش المجتمع السعودي في دوامة من الضجيج بعد صدور القرارات الجديدة بإيقاف وإلغاء بعض البدلات والمكافآت، ضجت حينها الشبكات الاجتماعية بمختلف التفسيرات والآراء بعد صدور القرارات الرسمية، الكل يدلي بدلوه مع انعدام التوضيح الرسمي للمقصود بالقرارات، وغياب وزير المالية ووزير الخدمة المدنية عن مسرح الحدث، والركون لدوامة صمت لم يقطعها سوى سماحة المفتي بخطاب لعموم الشعب، وتفاعل متأخر من الخدمة المدنية في الشرح والإيضاح بعد مضي أكثر من أسبوع على صدور القرارات الهامة، فبعد أن كانت الأقلية الصامتة تنحني أمام الرأي الأوحد، أضحت مسكونة بالضجيج وحب المشاركة في تويتر أو الفيس بوك دون خوف أو وجل من النبذ الاجتماعي.
وعلى النحو ذاته احتل قانون «جاستا» نصيبه من الضجيج الإعلامي وعاش الناس معه في دوامة لا تنتهي من الإشاعات والتأويلات والتنبؤ بالمستقبل في ظل غياب المعلومة والتحليل العلمي الدقيق من قبل المختصين أو قادة الرأي.
الملاحظ أن الأقلية الصامتة باتت في طريقها للاندثار بعد ظهور الإنترنت، وتحول قادة الرأي لأقلية صامتة بعد شيوع استخدام شبكات التواصل الاجتماعي، حيث حرر الإنترنت الناس من الحواجز النفسية في التعاطي مع أحداث الساعة، والمناقشات والمداولات بحرية دون خشية من العزلة الاجتماعية.
هذه الحرية النفسية خلقت ظاهرة جديدة من الضجيج الذي يتضاعف مع كل حدث بين المستخدمين مع غياب المصادر الرسمية في توضيح القرارات الهامة لعموم الشعب، ليكون الضجيج هو السائد والمسيطر على المشهد الاجتماعي في تكوين الرأي العام، ليعيش الشعب في دوامة ضجيج لا تنقطع.
ويبقى السؤال من ينتشلنا نحن معشر الفيسبوكيين والتويتريين من دوامة الضجيج؟!