د. محمد بن إبراهيم الملحم
هذا السؤال يطرحه المسؤولون سنوياً على أنفسهم قبل أن يبدأ العام الدراسي بشهر أو أكثر، كما يطرحه الناس فيما بينهم قبل بدء المدارس بأسبوع ونحوه ، وهو يحمل مضامين متعددة سأناقش بعضها فقط. أولاً: متى يجب أن نسأل هذا السؤال؟ وثانياً: ما معنى الجاهزية؟ أثبتت التجربة وفي ظل النظام المركزي وبطء عمليات تسليم وتوزيع المواد الدراسية التي يتطلبها بدء العام الدراسي، كالكتب والوسائل التعليمية والأثاث وصعوبة توفر خدمات ومواد الصيانة لكي تعد مباني المدارس وتجهيزاتها للعمل بكفاءة، إن هذا السؤال يجب أن يطرح قبل بدء العام الدراسي بسنة كاملة ، فمثلاً لأجل أن يبدأ العام الدراسي 1439هـ بنجاح يجب أن يطرح سؤال «هل مدارسنا جاهزة؟»، مع بدء العام الدراسي الحالي أي في النصف الثاني من شهر ذي الحجة 1437هـ ، بهذا المستوى من التخطيط يمكننا تجاوز عقبات العمل المعقدة في ظل الأنظمة المركزية والبيروقراطية غير المقننة ، وسيظل هذا منطقاً نظرياً طبعاً، لأنه سيصطدم بتوقيت الميزانية السنوية والتي تجعل من استراتيجيات الإعداد المبكر حلماً على الدوام، خاصة فيما يتعلق بالصيانة وتوفير موادها. وأعتقد أنها مشكلة يمكن تدبرها باستخدام عقود الصيانة بفعالية وهو ما يجري في كل المؤسسات الكبيرة، بدلاً من أن تعتمد ذاتياً على صيانة مبانيها وأجهزتها ، تخيل مثلاً شركة سوبرماركت لديها 5 إلى 10 فروع بكل مدينة ، في مجال التعليم الأولى أن يتبع نفس المسار ولقد حصل هذا وعشت تجربة الوزارة في بداية تطبيق تجربة عقود الصيانة، ولكنها مع الأسف لم تحظ بحسن التطبيق ، وكان أول مسمار في النعش طريقة تطبيق بنود العقود وعدم الاحتياط لمشكلات العقود الحكومية الأزلية والمتمثلة في خروج المقاول المستهتر ، فالتعاقد مع بديل هو كقصة فيلم هندي مدته 3 ساعات ، لا زالت بعض العقود موجودة بكل عيوب التطبيق التي سأتحدث عنها بإسهاب لاحقاً، ولا زالت بعض المدارس تبدأ عاماً دراسياً جديداً ودينمو الماء متعطل أو بعض المكيفات لا تعمل ، فهل مدارسنا جاهزة؟
السؤال الأهم: ما معنى «الجاهزية»؟ أعتقد أنّ ما سنشاهده عياناً أول يوم دراسي هو الإجابة المختصرة، لكني أمضي بالتعريف أبعد من ذلك فهل زوِّد ولي الأمر بمعلومات عن المدرسة وخطتها لهذه السنة؟ (إنْ وُجدت خطة) ، هل تم تدريب المعلمين المستجدين؟ هل هناك ما يوثق سلبيات العام الماضي لتلافيها مع بدء العام؟ إذا وُجد ما يسمّى «مجلس المدرسة» فهل تمّت دعوة الأعضاء قبل بدء العام الدراسي للاطلاع على جاهزية المدرسة وتقديم آرائهم وملاحظاتهم؟ هل تم التأكد من وسائل السلامة والإسعافات الأولية بالمدرسة وصحة مخارج الطوارئ؟ هل تم فحص خزانات المياه بالمشاهدة والتأكد من عدم وجود ما يسبب الضرر؟ وعلى غرار هذه الجوانب قائمة قد تطول ومجملها ممارسات خلف الكواليس يفعلها عدد قليل من مديري المدارس المتفانين في عملهم لكنها ليست محسوبة في جاهزية المدرسة ، وإن وُجدت في أجندة بعض مسئولي التعليم فهي تحت مبدأ القيمة المضافة ، طموحنا أن تصبح جاهزية المبنى والكتب والأدوات الدراسية وتوفر المعلمين شيئاً من الماضي يوفرها تلقائياً وبسهولة التخطيط المتميز والتنفيذ الحازم ، لنلتفت بعد ذلك إلى الشأن التربوي في جاهزية المدرسة تربوياً وتعليمياً ونفسياً فيكون هو همنا الرئيس.